المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 05/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال هو عن حادثة وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند اليهودي، في أحد الأيام كنا في نقاش عن حرمة الربا، وقام أحد الإخوان ـ سامحه الله ـ فقال إن دليل أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقبل (الفائدة) حيث إنه توفي ودرعه مرهونة عند يهودي مراب! فدافعت وبينت له أنه حاشا لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يقبل الربا وهو المعلم الأول، ولكن عرض لي أحد الإخوة بالسؤال، ما هي القصة الكاملة خلف هذا الرهن، وهل كان اليهودي مرابياً؟ وإن كان فهل قام بإعطاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرض بلا ربا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فمما لا شك فيه أن تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود ومع غيرهم إنما كان على الوجه المشروع، وحاشا نبي الله -صلى الله عليه وسلم- عن أن ينهى أمته عن الربا ثم يتعامل به، وكون اليهود من أخلاقهم أكل الربا وعدم التورع عنه، لا يعني ذلك أنهم يفعلون ذلك في جميع مبادلاتهم التجارية، فالمرابي قد يشتري أو يبيع أحياناً على الوجه الصحيح.
والحديث المذكور في السؤال صحيح، وهو في البخاري (2096) ، ومسلم (1603) ، وليس فيه أي دلالة لا من قريبٍ ولا من بعيد على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اقترض من اليهودي بزيادة، بل لم يكن فيه قرضٌ أصلاً، إذ الثابت من روايات الحديث في الصحيحين وغيرهما أن الرهن المذكور في الحديث لم يكن بسبب قرضٍ، وإنما كان بسبب بيعٍ آجل، كما قالت عائشة -رضي الله عنها-: اشترى النبي -صلى الله عليه وسلم- من يهودي شعيراً إلى أجل ٍ ورهنه درعه"، ومن المعلوم أن بيع الأجل تجوز زيادة الثمن فيه عن البيع الحاضر.
وقد يثور تساؤل حول هذا الحديث عن سبب عدوله -صلى الله عليه وسلم- عن معاملة مياسير الصحابة- رضي الله عنهم- إلى معاملة اليهود، وقد أجاب أهل العلم عن ذلك بأنه من المحتمل أنه لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل، أو أنه فعله لبيان الجواز، فقد استفاد العلماء من هذا الحديث جواز معاملة الكفار على الوجه المباح بالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والرهن والارتهان ونحو ذلك، وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم، وجواز معاملة من أكثر ماله حرام، إذا كان التعامل معه على الوجه المشروع، وغير ذلك مما استنبطه أهل العلم من هذا الحديث، والله أعلم.