ومن أدلة القائلين ببقائها وعدم فنائها قوله: "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون" [الزخرف:74-75] ، وقوله: "فلن نزيدكم إلا عذاباً" [النبأ:30] ، وقوله: "خالدين فيها أبداً" [الجن:23] ، وقوله: "وما هم بخارجين من النار" [البقرة:167] ، وقوله: "لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" [الأعراف:40] ، وقوله: "لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" [فاطر:36] ، وقوله: "إن عذابها كان غراماً" [الفرقان:65] ، وقوله: "يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم" [المائدة:37] أي مقيماً لازماً، وقد دلت السنة المستفيضة أنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وأحاديث الشفاعة صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار، وأن هذا حكم مختص بهم، فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم، ولم يختص الخروج بأهل الإيمان، وبقاء الجنة والنار ليس لذاتها، بل بإبقاء الله لهما، ورجح ابن القيم - رحمه الله - فناء النار لظاهر قول الله -تعالى-: "فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ" [هود: 106-108] ، وقوله: "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية إن الذين آمنوا وعلموا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه" [البينة:6-7] ، وقول ابن مسعود وعمر وأبي هريرة من الصحابة - رضي الله عنهم-: "ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد"، قال: وهذا يقتضي أن الدار التي لا يبقى فيها أحد هي الدار التي يلبث فيها أهلها أحقاباً، وقال رحمه الله: مجرد الخلود والتأبيد لا يقتضي عدم النهاية، بل الخلود هو المكث الطويل، وتأبيد كل شيء بحسبه، فقد يكون التأبيد لمدة الحياة، وقد يكون لمدة الدنيا، كما قال الله عن اليهود: "ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم" [البقرة:95] ، ومعلوم أنهم يتمنونه في النار حيث يقولون: "يا مالك ليقض علينا ربك" [الزخرف:77] هذا وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.