الذي أعلمه من واقع المساجد والمراكز في غير البلاد الإسلامية أنها توظف لإقامة كثير من المناشط الدعوية كالمحاضرات، والندوات، ويلحق بهذه المساجد صالات خاصة يلتقي فيها المسلمون، ويقيمون فيها مناسباتهم الاجتماعية، وهي بهذا تحقق مصالح عظيمة للجالية المسلمة، وتجعل صلتهم بالمسجد وأنشطته قوية، تعوضهم عما فقدوه في بلاد الغربة من المظاهر والشعائر الإسلامية، وبناء على هذا فليس من المناسب أن يقتصر الإخوة في كندا على جعل المركز الإسلامي الضخم الذي تحصلوا عليه مكاناً تؤدى الصلوات فيه فحسب، وتستبعد عنه المناشط الثقافية والاجتماعية؛ لأنهم بهذا سيحرمون المسلمين هناك من كثير من المصالح والمناشط التي يرغبونها، وقد يؤدي هذا الأمر إلى أن يزهد الناس في الحضور إلى المسجد لأداء الصلاة، وتنقطع صلتهم به بالكلية، ولا سيما أن الذين جمعوا التبرعات لهذا المركز قد أفهموا الناس أنهم سيجعلون هذا المركز مخصصاً للصلاة وللمناشط الأخرى أيضاً، فلا يجوز العدول عن هذا الوعد بلا سبب وجيه، وعلى الإخوة أن يدركوا أن القاعة الكبرى عندما تقسم إلى قسم خاص بالصلاة يعدُّ مسجداً، وقسم آخر خاص بالمناشط، ويُفصل بينهما، فلا يعني هذا أنه لا يجوز استخدام القاعة الخاصة بالمناشط لأداء الصلاة عند وجود الزحام في مثل صلاة الجمعة والعيدين، بل يمكن فعل هذا مع كون هذه القاعة خارجة عن مسمى المسجد، والصلاة فيها عند الحاجة إذا اتصلت الصفوف لا يصيرها مسجداً في الأحوال التي لا يصلي الناس فيها عادة، وهذا مثل كثير من المساجد الصغيرة إذا ازدحمت بالمصلين واضطر الناس إلى الصلاة خارجها في الطرقات، أو المحلات المجاورة لها مع اتصال الصفوف، فإن هذا لا يصيرها مسجداً بحيث تأخذ أحكام المساجد المعروفة، وأنصح هؤلاء الإخوة بالبعد عن كل ما يسبب الجدل والنزاع، وإذا وقع عندهم أي اختلاف، أو تباين في وجهات النظر أن يسألوا أهل العلم، ويأخذوا بفتواهم، وإن كانت الواقعة تحوي خلافاً كبيراً، ولها أبعاد قد يجهلها الشخص المسؤول، فالذي أراه أن يحال الأمر إلى لجنة تحكيمية تفصل فيه، على أن يتوفر في أعضاء هذه اللجنة العلم الشرعي، والأمانة، والخبرة بواقع الناس في المنطقة التي توجد فيها المشكلة، وعلى الجميع أن يتعاون، ويأخذ برأي هذه اللجنة؛ حفاظاً على وحدة الصف، والبعد عن الشقاق والنزاع.