وقد اختلف العلماء في تحديد العلة من التحريم، وأرجحها ما صوبه العلامة ابن القيم في زاد المعاد (4/351) ، حيث قال: (فالصواب أن العلة - والله أعلم- ما يُكسب استعمالها- أي: آنية الذهب والفضة القلبَ من الهيئة، والحالة المنافية للعبودية منافاةً ظاهرة، ولهذا علّل النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها للكفار في الدنيا، إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة نعيمها، فلا يصلح استعمالها لعبيد الله في الدنيا، وإنما يستعملها من خرج عن عبوديته، ورضي بالدنيا وعاجلها من الآخرة) ا. هـ.
ولهذه العلة وغيرها، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى تحريم استعمال سائر الآلات والأدوات المتخذة من الذهب أو الفضة، قياساً على الآنية المتخذة منهما أو من أحدهما؛ لعدم الفرق بينهما في المعنى، وعلى هذا فيحرم المطلي منها بالذهب أو بالفضة، كأدوات الحلاقة التي أشار إليها - السائل-، وقد وضحت عدم الفرق بين الخالص والمخلوط أو المطلي فيما تقدم، علماً بأن بعض أهل العلم رجح جواز استعمال اليسير من الذهب والفضة عند الحاجة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في الاختيارات (ص6) حيث قال: (ويباح الاكتحال بميل الذهب والفضة؛ لأنها حاجة ويباحان لها) ا. هـ، وربما كانت الحاجة هنا أنه لا يصدأ، بخلاف غيره من المعادن، ومعلوم أن من خواص الذهب أنه مقاوم للصدأ، وربما لم يكن في ذلك العصر ما يقوم مقامه كأداة للكحل، فاقتضت الحاجة جوازه. والله -تعالى- أعلم.