الحكم بالتأويل

المجيب هاني بن عبد الله الجبير

قاضي بمحكمة مكة المكرمة

التصنيف الفهرسة/القضاء

التاريخ 4/6/1424هـ

السؤال

السلام عليكم.

ما رأيكم في الحكم بالتأويل من دون بينة ولا دليل؟ كأن يؤول سلوك شخص أو ما يفعله، مثال شخص مر بسوق للذهب قبض عليه والتهمة (مرورك من قرب هذا السوق لم يكن إلا لسرقة الذهب) ، حكم عليه بقطع يده بدون إقرار منه، ولا ارتكاب للسرقة، هل يجوز هذا الحكم؟ وهل يوجد في الشريعة الإسلامية (القرآن الكريم وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-) ما يسمى الحكم بالتأويل، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر" بدون سابقة، وأين نحن من علي -رضى الله عنه- عندما جلس على ركبتيه أمام القاضي هو واليهودي ليضرب أروع الأمثلة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

فقد أوضح أهل العلم طرق القضاء التي يعتمدها القاضي في حكمه، والقضايا التي تعرض على القضاء نوعان: حدود وغيرها، فأما الحدود فإنها لا تقام على أحد إلا ببينة قاطعة تثبت ارتكابه لموجب الحد، إذ الحدود تدرأ بالشبهات، فكلما وجدت شبهة فإنها تمنع إقامة الحد، وبناء على ما تقدم يتضح أن المثال المذكور في السؤال غير سائغ. والنوع الثاني: ما سوى الحدود، والحكم فيها مبني على غلبة الظن بصدق أحد الطرفين، وقرائن الأحوال تعرف بقواعد شرعية مقررة عند أهل العلم. ومن القرائن ودلائل الأحوال المحيطة بالقضية ما هو أقوى من أي بينة، ومثال هذا أن تقع جريمة سرقة في وقت لا يوجد بجوار الموضع إلا شخص واحد تدل الأمارات على تخفيه، أو أن له سوابق في السرقة أو نحو ذلك، فهذا كاف لوجوب عقابه بما هو دون الحد، وهذا العقاب تعزير له لتوجه التهمة إليه، ووجود الاحتمال بأنه هو من ارتكب الجريمة، ولأنه لم يربأ بنفسه عن مواطن الشبهات، أو أدخل نفسه فيها، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015