الموقف الشرعي من الشعر النبطي

المجيب هاني بن عبد الله الجبير

قاضي بمحكمة مكة المكرمة

التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب

التاريخ 14/7/1425هـ

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من المعلوم أن اللغة العربية والتكلم بها من شعار الدين، وينتشر في بلادنا الكثير من شعراء العامية، يتناول شعرهم أغراضًا مختلفة، وتجد أشعارهم قبولاً كبيرًا في أوساط الناس، ترى ما الموقف الشرعي الذي يجب اتخاذه من هذه الظاهرة؟ بمعنى: هل يجوز للمسلم أن يشجع مثل هذا اللون من الشعر العامي، أو يسعى لنشره بين الناس، أو يقول هو الشعر العامي بغرض استخدامه وسيلة دعوية لمخاطبة الناس بلهجتهم؟ أم لا يجوز بحجة أن في ذلك إضعافًا لمكانة اللغة العربية، وحدًّا من تعزيزها في ألسنة الناس حتى يتكلموا بها. أفتونا مأجورين.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فالقاعدة التي يرجع إليها حكم الشرع في الشعر كله، فصيحه وعاميه، أن حكمه حكم سائر الكلام، فما كان حقًّا أو موصلاً لحق أو نفع فهو حسن، وما كان بضد ذلك فهو قبيح حرام، قال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ) ] الإسراء: من الآية53 [. وذم الله تعالى- الشعراء إذا اتصفوا بقول غير الحق فقال: (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ* أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ *وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ *إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) ] الشعراء: 224-226 [. ولقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم شعراء ينافحون عنه، ويذبون عن عرضه، كحسان بن ثابت وكعب بن مالك، رضي الله عنهما- بل أنشدوا الشعر بين يديه وفي مسجده، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لحسان رضي الله عنه، أن يكون روح القدس معه إذا هجا الكفار. أخرجه البخاري (3531) ومسلم (2490) . ولا شك أن للشعر تأثيرًا في النفس يمكن استغلاله في دعوة الناس للخير والمعروف، ولكن نشر الشعر العامي (غير الفصيح) ليس بمحبب إذا أمكن الاستغناء عنه؛ لأن المحافظة على اللغة العربية ونشرها مطلب شرعي، وقد كان السلف يؤدبون أولادهم على اللحن، وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بتحريم الزجل، وهو ضرب من الشعر العامي غير الفصيح؛ لما فيه من إفساد اللسان العربي، وأما إذا لم يمكن الاستغناء عنه فلا حرج في هذا اللون من الشعر، وقد جاء الشرع بتبليغ معاني الدين ومعاني كلام الله بترجمتها لغير العربية لمن لا يحسنها، والمهم هو إيصال الخير بالطريقة المناسبة غير المحرمة في نفسها، والخلاصة أنه لا مانع من إنشاء الشعر غير الفصيح واستماعه لمن لا يحسن الفصحى مما فيه نفع وفائدة. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015