المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة
التاريخ 8/6/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اغتبت أناساً كثيرين كلما غضبت من أحد ذهبت واشتكيت، وأنا الآن نادمة وأريد التوبة، وقد سمعت أنني لكي أتوب من الغيبة يجب أن أستسمح من الذين اغتبتهم، وهذه مشكلة، فعلاقتي بأكثرهم جيدة وكثيرون نسيت من هم، فما العمل؟ أريد أن أتطهر من هذا الذنب، وأريد نصيحتكم عندما أغضب وأريد أن أفضفض، فماذا أعمل حتى لا أقع في الغيبة ثانية؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
أختي السائلة، وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته، أشكرك -بارك الله فيكِ- على إحساسك بالندم، ورغبتك الجادة في التوبة، والتخلص من تبعة اغتيابك للآخرين.
فلا ريب أن الغيبة من قبائح الذنوب، وآفات اللسان، ومن العدوان والظلم المبين، فإن استطعت أن تعتذري لمن اغتبتيهم من الناس خاصة إذا كان بلغهم خبر غيبتك لهم.
وإن غلب على ظنك أن مصارحة أولئك بحقيقة الأمر سيؤدي إلى الهيجان والغضب والقطيعة والهجر فاكتفي بالدعاء لهم والثناء عليهم بما يستحقون خصوصاً أمام الناس الذين اغتبتيهم عندهم، ومن نسيتهِ منهم فادعي لهم دعاء عاماً، وأكثري مع هذا وذاك من الاستغفار والعمل الصالح، وألحي على الله -تعالى- أن يقبل توبتك، ويغسل حوبتك.
وأما نصيحتي لك في حالة الغضب فهي أن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم كما في صحيح البخاري (3282) وصحيح مسلم (2610) من حديث سليمان بن صُرد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلين يستبان وقد غضب أحدهما حتى احمرت عيناه وانتفخت أوداجه، فقال:"إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ذا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" الحديث.
وكذلك عودي نفسك على الصبر وكتم الغيظ، قال الله في معرض حديثه عن صفات أهل الجنة:"الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" [آل عمران:134] .
وتذكري ما جاء في الحديث الصحيح الذي خرجه مسلم (2881) وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -عليه السلام-:"أتدرون من المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال:"إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
أتحبين أن يتقاسم الآخرون حسناتك في وقت أنت بأمس الحاجة إليها؟!
فاتقي الله، واحذري من الغيبة فالتنفيس عمّا في الصدر لا يكون على حساب أعراض الآخرين، وفقك الله وأعانك وحفظك من كل سوء، والسلام عليكِ.