وأما ما ورد في السؤال من وصف من أسرف في بعض الأمور بأنه "فسقان" أي: فاسق، فالإسراف إن أريد به التوسع في المباحات من المطاعم والمشارب والملابس والمراكب، فهذا التوسع لا يوجب الوصف بالفسق ما دام أنه لم يؤد إلى فعل محرم أو ترك واجب فهذا لا يسمى في الشرع إسرافاً، بل الإسراف الذي نهى الله عنه قريب من معناه التبذير وهو تجاوز حدود ما أباح الله إلى ما حرم، في الأكل والشرب واللباس والإنفاق بل الواجب على المسلم التوسط في ذلك، كما قال تعالى: "َكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" [الأعراف: من الآية31] ، وقال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً" [الفرقان:67] ، وقال: "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً" [الإسراء:26] . فإنفاق المال في الحرام إسراف وتبذير وإن كان قليلاً، ولا إسراف في الخير وفيما أباح الله، وعلى هذا فالإسراف الذي نهى الله عنه وأخير أنه لا يحب أهله لا شك أنه خروج عن طاعة الله فيستحق من وقع منه أن يوصف بالفسق لأنه عاص لله، بل الواجب على المسلم أن يتقي الله في كسب المال وفي إنفاقه وفي طريقة الانتفاع به؛ ليكون من الذين أثنى الله عليهم بقوله: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً" [الفرقان:67] . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والله أعلم.