التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم

المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة

التاريخ 22/12/1425هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما دليل من يقيدون ذكر الله في قوالب محددة وبألفاظ معينة، ويعيبون على بعض الناس أنهم يذكرون الله بما لم يذكره به رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ فما المانع من أن أذكر الله وأتقرب إليه بأذكار وأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، مادامت هذه الأوراد وتلك الأذكار غير خارجة عن الدين؟ قال الله تعالى، في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) [الأحزاب: 41] . فالأمر فيه سعة، فلماذا يضيقون واسعًا؟ ومن ذلك أنهم يمنعون ذكر الله باسمه المفرد، وقد قال الله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الإنسان: 25] . فما يمنع أن أجري على لساني اسم: الله الله الله..؟. جزاكم الله كل خير.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ينحل الإشكال إذا نظرنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نظر المريض.. والراغب في استكمال الصحة: إلى الطبيب.

فهذا يتبعان إرشاداته حذو القذة بالقذة، ويعتقدان أن من الخطأ مخالفته في أدنى شيء، وعلى هذا اتفاق البشر، باعتبار أنه أدرى بأمور الصحة، بحكم التخصص..

ولو عنّ لأحد أن يجتهد، فيتعاطى دواء لم يصفه الطبيب، أو يزيد أو ينقص فيه، لكان محل اللوم والتسفيه..!!.

فهذا الحكم مع طبيب الأبدان، والنبي صلى الله عليه وسلم طبيب القلوب.. وطبيب الأبدان يخطئ، وفي كثير من الأحيان، أما طبيب القلوب عليه الصلاة والسلام فلا يخطئ أبدًا في علاجه:

(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 3، 4] .

فهذا دليل عقلي على: خطأ اختراع نوع من العبادة (كالذكر مثلاً) في هيئة مستحدثة، إذا لم ينص الشرع عليه.

والبدعة هي: كل أمر محدث في الدين؛ أي ليس عليه نص شرعي، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه من بعده، ومعلوم أن أحرص الناس على الدين واستكماله، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، هم الصحابة، فإذا تركوا لونًا من العبادات (كالذكر بالاسم المجرد، أو المولد) فإنهم ما تركوه إلا لأنه ليس من الدين، فإذا أتى من يزعم جوازها، فهذا اتهام ضمني لهؤلاء المصطفين أنهم مفرطون..!! وحاشاهم، فهم الكمل، وما من خير إلا وهم إليه سابقون، شهد الله لهم بالخير والرضى: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) [المائدة: 119] . وما ذاك إلا لكمال دينهم، فما لم يفعلوه فليس من الدين قطعًا، فمن قلدهم فهو مفلح، ومن عارضهم، فما يدرى ما حاله.

فانظر: هل ذكروا الله تعالى بالاسم المجرد: الله، الله، الله..؟!

وقد روي في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ". أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015