ولا شك أنهم مع توقفهم عن الإزالة وأخطاء معالم هذه المنكرات كانوا أعلم منا بخطورة ما يفعله الناس، ولهم من الحظوة والمنعة أكثر مما لنا في الناس اليوم خاصة في كردستان العراق التي تعمل جهات عديدة على استئصال شأفة الإسلام ودعاته منها، وأن الدعوة إلى الله ما تزال غضة ناشئة، وما يزال الناس في جهل وانحراف في العقائد والسلوك والعبادة ... فالواجب عليكم أن تفقهوا طبيعة هذه المرحلة، وألاّ تغترّوا بهامش الحرية الذي تتمتعون به، أو القوة المحدودة التي كسبتموها فانتم كبش الفداء لأي تغيير قادم، أيا كان وضع كردستان، فلا تستعدوا الناس عليكم، ولا تجعلوا للمتربصين حجة وذريعة لإبعادكم عن المجتمع ومواقع التأثير.
أنتم بحاجة إلى أن تقنعوا عامة الناس بأنكم دعاة حق، وأن لديكم مشروعاً إصلاحياً يحل مشاكل الناس ويخفف معاناتهم اليومية، علموهم أحكام الإسلام بحكمة، اجعلوهم يكرهون الشرك ويوحدون الخالق، ويعبدونه ويصلون له، ثم حدثوهم عن أن غير الله لا ينفع ولا يضر، اذكروا لهم قصة قوم نوح فمن بعدهم، اجعلوهم يكرهون هذه المشاهد وهذه القبور نظرياً أولاً ويهجرونها وهي قائمة، حاولوا أن تكثروا أنصاركم من الموحدين ولا تستعجلوا إثارة الناس ضدكم بمواجهتكم في معتقداتهم الفاسدة، قبل أن تتألفوا قلوبهم فإن هذا من استعجال الثمرة واختزال المراحل الدعوية، وتجاهل الظروف المحيطة، والاستهانة بعواطف الناس، ومواجهة سدنة الباطل والمتربصين بكم قبل أن تستكملوا العدة. وفي هذا خطر عظيم على الدعوة وضعف في الفقه لا نرضاه لكم، ونناشدكم ألا تستعدوا على أهل السنة خصومهم في وقت مبكر، ليتكم تشتغلون بدعوة عامة الناس ممن لا يزورون هذه القبور وهم كثير وتجعلونهم في صفكم، وليتكم تهتمون بحاجات الناس التي تكسبون بها قلوبهم حتى يقبلوا منكم الحق الذي هو الغاية من دعوتكم. فالنصح والدعوة وتصحيح العقائد والعبادات نظرياً مقدم على غيره وهو من إقامة الحجة ومن البلاغ الذي لم تفرغوا منه بعد، ولم توفوه حقه فإن لدى الناس من الشبهات شيء كثير.
والخلاصة أنه لا ينبغي الإقدام على هدم القباب ولا يجوز لكم نبش القبور بحجة إخفاء معالمها وصدّ الناس عنها في هذه الظروف فإن هذا من إزالة المنكر بمنكر أعظم منه، فهو من المصالح الملغاة وبخصوص نبش القبور فإن هذا لا يعرف من فعل المسلمين.