المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: نحن طلبة مبتعثون إلى إحدى الدول الغربية، وقائمون على جمعية إسلامية في الجامعة التي ندرس بها، ويتوفر لدى عدد من المسلمين الموجودين في المدينة (عددهم محدود) ملابس وحاجيات مختلفة للتبرع، ولا يوجد في مدينتنا من هو مستحق لها من المسلمين، وقد اتصلنا بعدد من الجمعيات الإسلامية في المدن الأخرى، ولم يتمكنوا من الحضور إلينا، وأيضًا من تجربة سابقة فإن إرسال هذه الملابس والحاجيات إلى المدن التي فيها تجمعات إسلامية مكلف جدًّا، ولاتوفي بقيمتها المادية، والإخوة هنا يسألون فضيلتكم: هل يجوز التبرع بها للجمعيات غير الإسلامية، وبالأخص جمعية مرض السرطان بالمدينة؟ وذلك لتعذر توصيلها لمن هو يستحقها من المسلمين. أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجوز أن تدفع هذه الأشياء إلى من يحتاجها من غير المسلمين؛ فقد جاء في الحديث: "في كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". أخرجه البخاري (2466) ومسلم (2244) . والأجر في كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًاوَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) ] الإنسان:8 [. ومعلوم أن الأسير في هذه الآية هو الأسير غير المسلم، ومع ذلك فالله سبحانه وتعالى امتدح هؤلاء بأنهم يطعمون الأسير، حتى وإن كان غير مسلم، وقد قال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى: (إن الزكاة تجوز على غير المسلمين) . طبعًا في عهد المسلمين وذمتهم، فالصدقة على غير المسلمين من المحتاجين والمرضى هي صدقة مقبولة - إن شاء الله سبحانه وتعالى- ولا مانع منها، وجاء في الحديث الصحيح أن أسماء، رضي الله عنها، قد جاءتها أمها - والكلام هنا عن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما- قدمت عليها أمها، وكانت مشركة، فقالت أسماء، رضي الله عنها، للنبي صلى الله عليه وسلم: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي راغِبةٌ، أَفَأَصِلُهَا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ". أخرجه البخاري (2620) ومسلم (1003) . فأمرها بصلتها مع أنها كافرة، فالكفر ليس مانعًا من الصدقة على الناس المحتاجين والمرضى، فإذا كان الأمر على ما ذكر السائل من أنهم لا يستطيعون إيصالها، ولا يستطيعون بيعها لإيصال مالها إلى المحتاجين المستحقين، فإنهم يعطونها إلى هذه الجمعيات، وذلك أمر حسن مرغوب فيه، وأيضًا من شأنه أن يصلح العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وأن يظهر للناس سماحة الإسلام وفضله، وأن المسلمين يواسون كل المحتاجين، حتى ولو كانوا غير مسلمين. والله أعلم.