المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني
رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية
التاريخ 24/10/1426هـ
السؤال
ما معنى: "اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد"؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد:
فما ذكرت أخي الفاضل في سؤالك هو جزء من أحد أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- في افتتاح الصلاة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: بأبي وأمي يا رسول الله! أرأيت إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: "أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد".
أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير (744) , ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (598) .
أما معنى هذا الدعاء المبارك فقد ذكره صاحب كتاب "المنهل العذب.." فقال:
"اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب": المباعدة بين المشرق والمغرب هي غاية ما يبالغ فيه الناس، والغرض من هذا التشبيه امتناع الاقتراب من الذنوب كامتناع اقتراب المشرق من المغرب، المعنى: باعد بيني وبين فعل الخطايا بحيث لا أفعلها, وباعد بيني وبين عقوبتها إن فعلتها، "اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس": المراد الخطايا والذنوب التي فعلها فينقى منها, وهذا التشبيه لقوة التنقية، أي: اللهم طهرني من خطاياي طهارة كاملة, وأزلها عني كما يطهر الثوب الأبيض من الوسخ, ووقع التشبيه بالثوب الأبيض, لأن ظهور النقاء فيه أشد وأكمل لصفائه, بخلاف غيره من الألوان, وبعد التنقية قال: "اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد " فبان أن المراد بالمباعدة أي: أن لا أفعل الخطايا, ثم إن فعلتها فنقني منها, ثم أزل آثارها بزيادة التطهير بالماء والثلج والبرد, وكأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنم؛ لكونها مسببة عنها, فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل, وبالغ فيه باستعمال المبردات, ترقياً عن الماء إلى أبرد منه. (المنهل العذب (5/194، 195) .