المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 9/1/1424هـ
السؤال
هل يلزم الأبناء سداد ديون والدهم بعد وفاته؟ علماً أن التركة لا تفي بمتطلبات الدائنين، والمبلغ لا يستطيع الأبناء دفعه لكبره، أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً: لا يجوز للورثة أن يأخذوا شيئاً من الميراث قبل سداد الديون التي على والدهم، الحقوق المتعلقة بالتركة أولها مؤنة التجهيز من قيمة الكفن وأجور الحفر للقبر والنقل ونحو ذلك، إذا كان لا أحد منهم يقوم به ثم يلي ذلك الديون التي على والدهم فإذا سددت الديون حينئذ ينظرون في الوصية والميراث.
فالمال الذي خلفه والدهم عليهم أن يدفعوه للدائنين فإن بقي شيء من الدين بعد ذلك وأرادوا أن يحسنوا إلى والدهم فإنهم يسددون عنه الدين وهذا أمر من حق الوالد عليهم أن يسعوا في سداد دينه قدر استطاعتهم، وليس على سبيل الإيجاب لأن هذا دين على الوالد، وليس ديناً عليهم، لكنهم من إحسانهم وبرهم بوالدهم أن يفكوا أسره، لأن نفس المؤمن متعلقة بدينه حتى يقضى عنه، وأولى الناس بالبر هم الأولاد يبرون والدهم لأنه هو سبب وجودهم في هذه الحياة، والله سبحانه وتعالى يقول:"وبالوالدين إحساناً" [البقرة: 83] والإحسان كما أنه يكون في الحياة، يكون أيضاً بعد الممات، فعن جابر - رضي الله عنه- قال: توفي رجل، فغسلناه، وحنطناه، وكفناه، ثم أتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصلي عليه، فقلنا: نصلي عليه، فخطا خطى، ثم قال: أعليه دين؟ قلنا ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران عليّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أحق الغريم، وبرئ منهما الميت" قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الآن بردت عليه جلده" رواه أحمد (14536) والبيهقي (6/75) والحاكم في المستدرك (2393) . فمن المتعين على الأولاد أن يهتموا بهذا الأمر، ويحرصوا على سداد ديون والدهم وهذا من البر والإحسان به، والله يتولى الصالحين.