المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية
التاريخ 9/10/1424هـ
السؤال
مما أشكل علي بالنسبة لحديث الأعمى الذي أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة في المسجد بعد أن سأله "هل تسمع النداء" فأجاب بنعم، ما جاء فيه من قرائن كثيرة تدل على تعذُّر الصلاة في المسجد لهذا الأعمى، فقد جاء في الحديث أنه أعمى، ولا يجد من يقوده، وأن بينه وبين المسجد وادياً أو نحو هذا فيه سباع وعقبات، ومن المعلوم أن الشرع خفَّف على من أصابه مطر يبل الثياب ويحدث الوحل بأن يصلي في بيته، فكيف بهذا الأعمى الذي اجتمعت فيه الموانع كلها؟
وسؤالي هل من الممكن إزالة هذا الإشكال، فهل هذا الحديث صحيح أصلاً (لأن الكثيرين يستشهدون به) ؟ وهل هو منسوخ (لأني سمعت بعض العلماء يقول إن الأعمى عليه أن يستأجر من يقوده للمسجد) ؟ الرجاء إزالة هذا الإشكال مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إن حديث ابن أم مكتوم الأعمى قد ورد بعدة روايات، فقد رواه مسلم (653) وغيره، وجاء فيه أنه ليس له قائد يلازمه، وأنه يسمع النداء، وفي بعض الروايات بينه وبين المسجد أشجار ونخيل، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لما قال له: أتسمع النداء قال: نعم، قال: "أجب فإني لا أجد لك رخصة"، قال النووي في المجموع شرح المهذب (4/192) ، بعد ما ذكر أن حديث الأعمى من أدلة القائلين بأن الجماعة فرض عين، قال في الإجابة عنه: وأما حديث الأعمى فجوابه ما أجاب عنه الأئمة الحفاظ الفقهاء: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة والحاكم أبو عبد الله والبيهقي، قالوا لا دلالة فيه لكونها فرض عين، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لعتبان حين شكا بصره أن يصلي في بيته وحديثه في الصحيحين البخاري (425) ، ومسلم (33) قالوا وإنما معناه لا رخصة لك تلحقك بفضيلة من حضرها، انتهى.