معنى حديث: "خير المجالس ما استقبل به القبلة"

المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية

التاريخ 3/3/1423هـ

السؤال

ما معنى حديث: "خير المجالس ما استقبل القبلة"؟ آمل الجواب بالتفصيل.

الجواب

حديث: "خير المجالس ما استقبل به القبلة"، من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، ولذلك أورده السخاوي في كتابه المهم في بابه: (المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة) (رقم153) بلفظ: "أكرم المجالس ... ".

وللحديث طرق متعددة وشواهد:

وأشهر رواياته حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، لكن الإسناد إليه شديد الضعف، وحكم عليه بالبطلان، كما تراه في أحاديث الشيوخ الثقات لأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وحاشية تحقيقه (رقم173) .

وخير أسانيده ما أخرجه الطبراني في (الأوسط رقم2375) ، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لكل شيء سيداً، وإن سيد المجالس قبالة القبلة".

فقد وصفه السخاوي بقوله: "سنده حسن"، وهو كما قال، فشيخ الطبراني الذي قد يتمسك من يضعف الحديث به لتضعيفه، وهو إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي، الصواب فيه أنه مقبول الحديث، وباقي رجال الإسناد معروفون مقبولون.

لكن يبقى التفرد الذي في إسناده، أخشى أن يؤتى الإسناد من قِبَلِهِ.

وقد يشير إلى عدم صحة الحديث مرفوعاً من جميع وجوهه، ما نقله السخاوي عن ابن حبان أنه حكم على الحديث بالوضع، وقال: "وقد كانت أحواله -صلى الله عليه وسلم- في مواعظ الناس أن يخطب وهو مستدبر القبلة"، لكن السخاوي تعقبه بقوله: كذا قال! وما استدل به لا ينهض للحكم بالوضع، إذ استدباره -صلى الله عليه وسلم- القبله؛ ليكون مستقبلاً لمن يعلمه أو يعظه ممن بين يديه".

وإن كنت لا أجرؤ على الحكم على الحديث بالقبول، إلا أني لا أحكم بعدم صحة معناه، وأن استقبال القبلة في المجالس، وخاصة مجالس العبادة، مثل: عند الذكر والدعاء وقراءة القرآن والتعليم ونحو ذلك، أمر دلت النصوص المتفرقة على استحسانه، وجاءت آثار السلف على اتباعه.

فالقبلة هي اتجاه أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي الصلاة حتى أطراف الأصابع تستقبل بها القبلة في السجود، وإشارة الإصبع في التشهد. (صحيح البخاري رقم828)

وفي الحج: يحج البيت (وهي القبلة) ، ويطوف بها، ويهل حين يهل بالحج مستقبلاً لها (صحيح البخاري رقم1553) ، ويستقبل القبلة على الصفا والمروة للذكر والدعاء، وكذلك في عرفة، وعند المشعر الحرام بمزدلفة (صحيح مسلم رقم1218) ، ويوجه الهدي عند النحر إلى القبلة (موطأ مالك رقم1112) ، وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى يتوجه البيت بالدعاء (صحيح البخاري رقم1751،1752،1753)

وفي الاستسقاء تستقبل القبلة عند الدعاء (صحيح البخاري رقم1005،1028، وصحيح مسلم رقم894) .

وعند الابتهال بالدعاء، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر (صحيح مسلم رقم1763) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015