فإن الوقف على جهات البر والخير من الأعمال الفاضلة التي يرجى منها الأجر العظيم والخير الكثير في الدنيا والآخرة، والواقف إذا حدد جهة معينة لصرف الوقف فإنه يجب العمل وفق ما حدده الواقف؛ لأنه هو الذي تبرع بمال الوقف، فوجب الأخذ بما يريد، ولهذا قال العلماء: إن شرط الواقف كنص الشارع، أي في وجوب الالتزام به فكما أن نص الشارع يجب الالتزام به فكذا شرط الواقف، أما إذا لم يحدد الواقف جهة معينة للوقف وإنما دفع المال إلى من يثق به ليضعه في أي جهة من جهات الخير، فإن هذا الشخص يجتهد في وضع الوقف فيما يرى أنه أنفع الجهات وأكثرها فائدة من غير أن يكون مقيداً بجهة معينة، والحكم فيما سأل السائل عنه تابع لما ذكر، فإن كان الواقف قد حدد هذا المال لبناء أو شراء مسكن من أجل إسكان الحجاج القادمين من الهند فإنه يجب عليكم العمل وفق ما حدده الواقف، وذلك حسب الاستطاعة، ولو كان المسكن صغيراً بقدر المال الموجود لديكم، أما إذا كان الواقف لم يحدد جهة معينة وإنما اجتهد أبوكم أو جدكم في صرفه في تجهيز مبنى لإسكان الحجاج القادمين من الهند، ثم تهدم البيت وأصبحت منافعه معطلة، ثم تم بيعه، فإنه يجوز لكم صرف هذا المال في أي جهة بر أخرى، كما ذكرتم من ضمه مع غيره من المال ووضعه في مساكن لفقراء مكة المكرمة، كما أني أنبه إلى أن الوقف لا يجوز بيعه إلا إذا تعطلت منافعه، وأصبح لا يمكن الاستفادة منه بالشكل المطلوب، فإن تعطلت منافعه جاز بيعه وصرف المال في وقف مشابه للوقف المتعطل، وعموماً إن الواجب عليكم مراجعة المحكمة الشرعية في مكة المكرمة وبيان هذا الأمر للقاضي، لينظر في الحكم الشرعي لهذه المسألة؛ لأن من أعمال القاضي الشرعي: النظر في الوقف وتبيين مصارفه وأحكامه ونحو ذلك. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.