وقد وعظ الشيخ المعمَّر بن علي البغدادي نظام الملك الوزير موعظة بليغة، ومنها: (معلوم يا صدر الإسلام أن آحاد الرعية من الأعيان مخيرون في القاصد والوافد، إن شاءوا وَصَلَوا، وإن شاؤا فصلوا، وأما من توشح بولاية فليس مخيراً في القاصد والوافد؛ لأن من هو على الخليفة أمير فهو في الحقيقة أجير، قد باع زمنه وأخذ ثمنه، فلم يبق له من نهاره ما يتصرف فيه على اختياره ... ) .
وكما أن الإنسان يرغب في أخذ أجره كاملاً ولا يحب أن يبخس منه شيء فعليه ألا يبخس شيئاً وقت العمل بصرفه في غير صالح العمل، وقد ذمّ الله المطففين في المكاييل والموازين الذي يستوفون حقوقهم ويبخسون حقوق غيرهم فقال: "ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين" [المطففين: 1-2] .
والمرشد الديني يقوم بوظيفة عظيمة، وفي جلوسه خير كثير، يراجع كتاباً، ويعالج مشكلة، ويجيب سائلاً، ويقضي حاجة محتاج، وإذا خرج من مقر عمله فاته هذا الخير، وحرم الناس نفعه الذي طلب منه بذله للناس.
وعليه فلا يجوز خروج الموظف من العمل إلا إذا كان خروجه على ضوء العقد المتفق عليه مع الجهة الحكومية، أو كان بإذن من المدير العام للدائرة التي هو فيها بعد قيامه بما يجب عليه، سواء كان الإذن صريحاً، أو كان غير صريح بأن علم المدير المسؤول بخروجه ولم ينكر عليه، إذا لم يكن عدم الإنكار لمانع ولا محاباة له دون غيره، لاسيما من هم من أمثاله، وإلا لم يجز. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.