ودليله الثاني: لعدم توافر شروط جريان الربا، يقول الإمام الكاساني الحنفي: (لأن مال الحربي ليس بمعصوم، بل هو مباح في نفسه، إلا أن المسلم المستأمن مُنع من تملكه من غير رضاه لما فيه من الغدر والخيانة، فإذا بذله باختياره ورضاه فقد زال هذا المعنى، فكان الأخذ استيلاء على مالٍ مباح غير مملوك، وإنه مشروع مفيد للملك كالاستيلاء على الحطب والحشيش) (7) .
ونوقش هذا الاستدلال:
1- (بأنه لا يلزم من إباحة أمواله على سبيل الغنيمة أن تباح بالعقد الفاسد) (8) .
2- وبأن هذا التعليل (منتقض فيما إذا دخل الحربي دارنا بأمان فباع منه المسلم درهمًا بدرهمين، فإنه لا يجوز اتفاقًا) (9) .
وبهذا يتبين أن القول الراجح هو ما عليه جمهور أهل العلم، وهو عدم جواز الربا مطلقًا، لا مع حربي ولا مع غيره؛ لضعف الأدلة التي تستثني التعامل مع الحربي من التحريم، وأن فتوى الإمام أبي حنيفة لا تنطبق على حال المسلم المقيم في الغرب. والله أعلم.