ثالثًا: أما بالنسبة لذهاب غير العراقيين إلى العراق ودخولهم في القتال فقد سبق بيان الرأي في ذلك منذ بداية العدوان الأمريكي، وأنه ليس من المصلحة في شيء ذهاب جماعات الشباب من هذا البلد أو غيره إلى هناك لاعتبارات كثيرة منها:
أن أهل البلد هم أعرف به، وأحرص عليه، وأدرى بالطريقة المناسبة للتعامل مع المحتل، وأعلم بظروف بلدهم واحتياجاته، ومجيء أطراف من بلدان مختلفة برؤى ومشارب متنوعة هو عامل إرباك وتشتيت، وفي التجارب السابقة في بلدان أخرى عبرة وعظة، ثم إنه وإن كان المحتل واحداً إلا أن خارطة العداوات شائكة وغير واضحة، والقوى المتصارعة أكثر من أن تكون محصورة في المحتل الأمريكي، والذاهب إلى هناك قد يكون مستهدفًا من كثير من هذه القوى، كما أن وجود مقاتلين أجانب في حي أو بلدة سيتحول إلى ذريعة للبطش والقصف والحصار، وربما الإبادة للمدنيين العزل، وليس من السائغ أن تُقدم الذرائع لآلة الموت الأمريكية لتقتيل المدنيين وتشريد المستضعفين، وهذا أمر في غاية الخطورة والأهمية.
لقد كف الله يد نبيه والمؤمنين معه يوم الحديبية عن مشركي مكة من بعد أن أظفرهم عليهم حفاظًا على أرواح بعض المؤمنين المستضعفين المستخفين بمكة أن يصابوا في هذه المعركة بغير علم من المؤمنين "وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ" [الفتح: من الآية25] ، وإذا كان هذا الحكم ينزل على جيش يقوده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه الصحابة رضوان الله عليهم في مواجهة مع أهل مكة وهي بلدهم الذي أخرجوا منه وكانوا أحق بها وأهلها فإنه حكم باق للمسلمين في كل أقطارهم وأعصارهم.
وقد تتابعت فتاوى العلماء وتوجيهاتهم في تحذير الشباب من الذهاب إلى هناك وتبصيرهم بالمفاسد المترتبة عليه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.