وأما الطريق التي رواها عبد الله بن عباد المصري عن الفضل بن فضالة، عن يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً " من لم يبيت … " فلا تصلح شاهداً للوجه المرفوع، لأن هذا الإسناد مقلوب - كما قال ابن حبان - والصواب فيه: عن يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة، وآفة هذا الإسناد، هو عبد الله بن عباد المصري، قال عنه ابن حبان في " المجروحين " 2/46:"شيخ يقلب الأخبار، روى عن المفضل بن فضالة …ثم ساق الحديث السابق- ثم قال: روى عنه روح بن الفرج، أبو الزنباع نسخة موضوعة ".اهـ.
وحديث عائشة هذا من رواية روح عنه، وهو على ضعفه، فقد تفرد به كما قال الدارقطني.
وقد جاء حديث آخر من حديث ميمونة بنت سعد مرفوعاً بنحو حديث الباب أخرجه الدارقطني 2/136 ح (2197) لكنه من رواية الواقدي، وهو متروك، ينظر نصب الراية 4/435.
والخلاصة مما تقدم ما يلي:
1 - أن الصواب عن عبد الله بن أبي بكر، هو إثبات الزهري بينه وبين سالم.
2 - أن الحديث اختلف في رفعه ووقفه على الزهري، وأن الراجح وقفه، لأن المتقنين لحديث الزهري والعارفين به، رووه موقوفاً، وهم أيضاً أكثر من الذين رفعوه، وأن حذاق الأئمة - كما قال ابن عبد الهادي في التنقيح 2/280 - من المتقدمين على ترجيح الموقوف، إما على ابن عمر، أو على حفصة رضي الله عنهم، وسند الموقوف صحيح.
3 - أن ما روي مرفوعاً في هذا الباب، عن عائشة أو ميمونة بنت سعد، فإنه لا يصح، والله أعلم.