إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات، سوى يحيى بن أيوب، فإنه صدوق، وابن لهيعة وهو مضعّف.
وقد تبين من التخريج السابق أنه وقع اختلاف على عبد الله بن أبي بكر بن حزم في إسقاط ذكر الزهري من الإسناد، والصواب مع من أثبته، لأن اللذين أسقطاه هما: إسحاق بن حازم، ويحيى بن أيوب - فيما رواه سعيد بن شرحبيل، عن الليث بن سعد عنه - وكلاهما صدوق، وقد خولفا: فأما إسحاق بن حازم فخلاصة حاله ما ذكره ابن حجر في التقريب (100) : " صدوق تكلم فيه للقدر " وقد خالف من هو أوثق منه، وأما سعيد بن شرحبيل فهو " صدوق " أيضاً، كما في التقريب (237) ، وقد خالفه شعيب بن الليث، وابن وهب في روايتهما عن الليث، وهما أوثق منه، ولعلّ هذا الاضطراب من قبل يحيى بن أيوب نفسه، فقد سبق كلام الأئمة في حفظه، حتى قال فيه الإمام أحمد: سيئ الحفظ.
فالمحفوظ إذن في حديث عبد الله بن أبي بكر، هو ذكر الزهري بينه وبين سالم، فيبقى الاختلاف في رفع الحديث ووقفه.
وقد ظهر من التخريج السابق أن عبد الله بن أبي بكر، ومن تابعه عن الزهري - وهو ابن جريج - قد خولفا في رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث رواه الأكثرون من أصحاب الزهري موقوفاً على حفصة، وبعضهم يجعله موقوفاً على ابن عمر، وبعضهم يجمع بينهما، وهذا بيان رواياتهم ـ ملخصاً ـ:
1 - الزهري عن سالم عن ابن عمر عن حفصة موقوفاً عليها: وقد روى هذا الوجه عنه مالك، وعبيد الله، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني، وعقيل، ويونس، ومعمر - فيما رواه عنه عبد الرزاق -، إلاّ أنه - أي معمر - لم يذكر (ابن عمر) في حديثه، وزاد عقيل: وابن عمر مع حفصة، وجعله مالك: عن الزهري، عن حفصة، وعائشة قولهما.
2 - الزهري عن سالم عن ابن عمر قوله: وقد رواه عنه صالح بن أبي الأخضر، وعبد الرحمن بن نمر، ويونس، وعقيل الأيليان.