الأمر في هذه الأحاديث عن الوجوب إلى الاستحباب أنه قد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بغير نعال، كما ثبت أنه خير الناس في ذلك، ويدل لهذا ما رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى:" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في نعليه، فصلى الناس في نعالهم، فخلع، فخلعوا، فلما صلى قال:" من شاء أن يصلي في نعليه فليصل، ومن شاء أن يخلع فليخلع". قال الشوكاني بعد أن ذكر عدداً من الأحاديث المتعلقة بالصلاة في النعال: ويجمع بين أحاديث الباب بجعل الأحاديث التي خيّر فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناسَ صارفةً للأحاديث التي أمر فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة في النعال.
وبهذا يتضح أن الصلاة في النعال سنة من السنن، فعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في وقت وتركها في وقت آخر، ولهذا فإنه يسن للمسلم أن يفعل هذه السنة إذا تيسر الأمر، كما لو كان في مسجد غير مفروش، أو كان في الصحراء، أما إذا كان في المساجد المفروشة فالأفضل ترك الصلاة في النعال؛ حفاظاً على نظافة المسجد، إلا إذا كان الإنسان متأكداً من نظافة نعليه تماماً.
أما قولك: إنه ليس كل ما أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- يمكن العمل به إذا كان لا يتوافق مع مقتضيات العصر، فهذا غير صحيح إطلاقاً؛ لأن الأساس في تطبيق الأحكام هو الأدلة والنصوص الشرعية، ومقتضيات العصر يؤخذ بها في نطاق ما تدل عليه النصوص الشرعية، أما إذا عارضت النصوص فلا يلتفت إليها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.