والقول الثاني في المسألة: أن الردة لا تبطل العمل السابق لها ولا يلزم إعادته أخذاً من القيد في توبة "فيمت وهو كافر" فقيد بطلان العمل بالموت على الكفر لا غير، واستدلوا من السنة بحديث حكم بن حزام - رضي الله عنه -: أنه قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت أشياء كنت أتحنث (أتعبد) بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة وصلة رحم، فهل فيها من أجرٍ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أسلمت على ما أسلفت من خير" رواه البخاري (1436) ، ومسلم (123) . فالأعمال الحسنة التي عملت في الجاهلية تكتب لأصحابها بعد إسلامهم كما في الحديث الآخر: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا"رواه البخاري (4689) ومسلم (2378) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وعلى هذا القول لا يلزم السائل أن يعيد حجه مرة أخرى، بل تكفيه حجته الأولى، والذي يظهر لي -والله أعلم- رجحان هذا القول؛ لقوة أدلته، ولأن عدم الإلزام بإعادة الأعمال هو المتفق مع أدلة يسر الشريعة وسماحتها "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
وخلاصة الجواب: أن حج السائل صحيح، ولا يؤثر عليه تردده في قطعه نتيجة الزحام ولا شكه في الطهارة في طواف الوداع أو عدد رميه الجمار.