حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وفيه: قصة الرجل الذي أوصى بنيه إذا مات أن يحرقوه ويذروه ويرموا رماده في البحر، وقال: "والله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من خلقه فبعثه الله، وقال له: ما الذي حملك على ذلك، قال: مخافتك يا رب قال الله: أدخلوا عبدي الجنة"، ووجه الاستدلال: أن الرجل شك في قدرة الله، والشك في ذلك كفر بلا نزاع بين أهل العلم قاطبة، وهو أعظم من ترك الصلاة ومع هذا غفر الله، وأيضاً لم ينقل في التاريخ الإسلامي كله إلى يومنا هذا أن أحداً قتل مرتداً لتركه الصلاة علاوة على ما يترتب على هذا القول –مع كثر من يترك الصلاة- طلاق زوجته، وأن أولاده أولاد غير شرعيين ... إلخ.
والذي يظهر لي -والله أعلم- القول بعدم تكفير تارك الصلاة كسلاً أو تهاوناً، مع وجوب قتله حداً إن لم يتب ويقيم الصلاة.
وبعد تحرير هذه المسألة ينبني عليها القول في حكم الردة في إبطال الأعمال، مثل رجل حج حجة الإسلام ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام، فهل حجته الأولى قبل ردته تكفيه أو يلزمه أن يحج من جديد؟
اختلف العلماء فيه على قولين: الأول: أن الردة تبطل الأعمال التي قبلها، واستدلوا بقوله: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فقد حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:217] ، فعلق بطلان العمل على مجرد الردة، وبقوله –تعالى-: "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن في الآخرة من الخاسرين" [الزمر:65] ، إذا كان في خطاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- وحاشاه عن ذلك بأبي هو وأمي، فما بالك بمن دونه، وعلى هذا القول يلزم السائل أن يحج مرة أخرى عن حجته الأولى؛ لأنها بطلت بالردة وهي تركه للصلاة بالكلية.