المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام
التاريخ 23/9/1424هـ
السؤال
ما هي الحكمة من تحريم الأغاني أو الموسيقى؟
الجواب
الأخت سمية السلام عليكم، وشكرا لمراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ثم اعلمي بارك الله فيك انه ليس بالضرورة العلم بحكمة ما يحرم علينا؛ لأن ذلك من باب الاختبار والامتحان، هل نلتزم بما نؤمر به وننهى عنه أم لا؟ وهل نسلم بما يحرم علينا ولو لم نعلم الحكمة أم لا؟ وتأملي معي قول الله عز وجل: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء: 65] لا حظي ويسلموا تسليما لا بد من التسليم الكامل لله ولرسوله في كل أمر أمرنا به، أو نهي نهينا عنه علمنا فيه الحكمة أو لم نعلم، وكذلك قوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا" [الأحزاب:36ٍ] وتأملي قوله: "يكون لهم الخيرة من أمرهم" وقارنيه بما عليه كثير من الناس من التردد من قبول أمر الله وأمر رسوله؛ لأنهم لم يقتنعوا بالحكم وهنا تكمن الخطورة وأصبحنا نرى أناسا يقترحون على الدين أحكاما ويتساهلون بالتحليل والتحريم بما يوافق هواهم؛ لمجرد انهم لا يجدوا في ذلك الحكم حكمة أو غير مقتنعين بالحكمة التي يمكن أن تظهر منها؛ لذلك عجبت من قول عائشة بنت الصديق - رضي الله عنهما- كما في البخاري (321) ، ومسلم (335) لما سئلت ما بال المرأة إذا حاضت تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة؟ تأملي معي جوابها: أنها لم تقل الصلاة كثيرة ومتكررة في كل يوم فخفف عن الحائض ذلك واقتصر على قضاء الصيام؛ لأنه شهر واحد في السنة أنها لم تقل من ذلك شيئا لقد قالت: (كنا يصيبنا ذلك على عهد رسول الله فنؤمر بقضاء الصيام دون الصلاة) ما الحكمة إذاً أنه الأمر والامتثال له، هكذا يغلقون أبواب الشيطان على أنفسهم وأبواب التردد في العمل بالحكم بحجة عدم فهم الحكمة؛ لذلك ينبغي يا أختي أن نوطن أنفسنا على العمل بالأحكام الشرعية سواء أدركنا الحكمة أم لم ندرك وإذا كان هناك أمر ذكروه أهل العلم في الحكمة من الأمر أو النهي دون تكلف فهو نور على نور ومما يمكن ذكره هنا من حكمة تحريم الغناء ما يمكن أن يجلبه على النفس من التعلق بغير ذكر الله والصد عن القرآن، وتحديث النفس بما يغنى به من ذكر الحبيب والهيام به؛ ولذلك وجدنا اليوم أن الغناء أصبح حقيقة بريد الزنا بسببه تهيج النفوس للحرام وتبعث الشهوات بتلك الأصوات الداعية للخنا والبعد عن الله، وكم وجدنا من أناس يرددون الأغاني ويخشعون لها اعظم من تردادهم لذكر الله أو خشوعهم بسماع القرآن، بل وجدنا من يعرض عن سماع القرآن؛ لأنه لا يجد فيه لذة ولا متعة بخلاف حاله مع مزمار الشيطان والحال اليوم تشهد بضحايا الأغاني وظهور حكمة التحريم منه اعظم من الحديث حولها والله الموفق وهو الهادي لسواء السبيل والسلام عليكم.