المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية
التاريخ 28/2/1424هـ
السؤال
هل نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (أن يجلس أحدنا بين (الظل والشمس؟) وما درجة الكراهة؟ هل هي تحريمية، أم ماذا؟
الجواب
أولاً: فيما يتعلق بتخريج الحديث: هذا الحديث رواه أحمد (24/147) (15421) من حديث رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- وله شاهد عند أحمد
(14/531) (8976) وأبي داود (4821) - وفيه انقطاع - من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ "إذا كان أحدكم في الشمس، فقلص عنه الظل وصار بعضه في الشمس وبعضه في الظل فليقم" وشاهد من حديث بريدة -رضي الله عنه- عند ابن ماجة (3722) ، وفيه ضعف يسير.
والحديث صححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه- كما في مسائل المروزي عنهما
(223) ، وقال: المنذري عن حديث الرجل عند الإمام أحمد: إسناده جيد في الترغيب والترهيب.
ثانياً: وهل النهي للتحريم أم للكراهية؟ الظاهر أنه للتحريم لثلاثة أمور:
الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نسب هذا المجلس للشيطان، وقد قال ربنا تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر ... ِ" [النور: من الآية21] .
الثاني: أن هذا يضر بالجسم، خصوصاً إذا اعتاده، قال ابن القيم - رحمه الله- في
"زاد المعاد" (4/242) والنوم في الشمس يثير الداء الدفين، ونوم الإنسان بعضه في الشمس وبعضه في الظل رديء". وقال المناوي - رحمه الله- في "فيض القدير"
(6/351) : (لأن الإنسان إذا قصد ذلك المقعد فسد مزاجه؛ لاختلاف حال البدن من المؤثرين المتضادين) .
الثالث: أنه مناف للعدل الذي قامت عليه السماوات والأرض، فإما أن يكون جميع البدن في الشمس أو في الظل، وهذا من كمال هذه الشريعة، حيث راعت هذه الأمور الدقيقة، والله أعلم.