والثانية: قوله - تعالى-: - بعد ذكره عيسى - عليه السلام -: " وإنه لعلم للساعة فلا تَمْتَرُنَّ بها واتبعونِ هذا صراط مستقيم " [الزخرف: 61] ، ومعنى الآية: إن عيسى - عليه السلام - شرطٌ وعلامة من علامات الساعة تُعْلم به، فسُمَّي الشرط علماً لحصول العلم به.
والثالثة: قوله - تعالى- عن عيسى - عليه السلام -:" يُكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين " [آل عمران: 46] .
فالله - سبحانه وتعالى - يُعدد خصائص هذا النبي الكريم ألا وهو عيسى - عليه السلام- فذكر من عجائبه كلامه في المهد، ولا شك أنه من الخوارق أن يتكلم الوليد الذي في المهد، ثم ذكر كلامه في سن الكهولة، وسن الكهولة هو: بداية سن ظهور الشيب وقيل هو: ما بعد ثلاث وثلاثين، والكلام في سن الكهولة، لا غرابة فيه ولا يختص ذلك بعيسى - عليه السلام- فدل هذا المساق أن كلامه في الكهولة المقصود في الآية هو عند نُزُوله - عليه السلام-،كما ذهب إلى ذلك بعض السلف وأهل اللغة (تفسير الطبري 6/420) ، و (تهذيب اللغة) للأزهري (6/18) ، (وزاد المسير) لابن الجوزي (1/390) ، وأحاديث نزول عيسى - عليه السلام - من أصح الأحاديث وأثبتها، منها: ما هو في صحيحي البخاري ومسلم اللذين تلقتهما الأمة بالقبول، وفي غيرهما من صحيح السنة ومشهورها حتى لقد أجمعت الأمة عليه، فلا خلاف في ذلك بين أهل السنة والجماعة بل بين عامة المسلمين.
تنبيه:
ذكر السائل أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يرى أن عيسى - عليه السلام- قد مات قبل رفعه، والصواب: أن الذي فسر قوله - تعالى-: " إني متوفيك " بالموت هو ابن عباس - رضي الله عنهما -، أخرجه الطبري في تفسيره (رقم 7141) ،وابن حاتم (رقم 637) . وأسأل الله - تعالى - لي وللمسلمين علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلاً، والله أعلم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.