تبدو النجوم للراصد الأرضي ثابتة على مر الأعوام نتيجة لبعدها الشديد، ولذا اتخذت منذ القدم علامات ثابتة يهتدي بها المسافرون، بينما تتغير مواقع الكواكب ويمكن رصد حركتها أمام النجوم، ولذا سميت بالسيارات، ومن المعلوم فلكياً أن الأرض هي الكوكب الثالث بالنسبة للشمس، ويسبقها عطارد والزهرة وتليها مجموعة الكواكب الخارجية التي منها المريخ والمشترى وزحل، وقد لوحظ منذ القدم أن السيارات الخارجية تنكص حركتها دورياً، فيقف تقدمها حول الشمس ظاهرياً وتبدو متراجعة، وقد فسرت تلك الظاهرة حديثاً على أساس أنها ذات مدارات أكبر من الأرض وسرعات أقل، ولذا تبدو دورياً متراجعة، بينما تنعدم تلك الحركة التناقصية الظاهرية في حالتي عطارد والزهرة؛ لأن مداريهما أصغر وسرعتهما أكبر، وفي الحقيقة أن حركة جميع الكواكب لا تتوقف سواء حول الشمس أو حول نفسها، وهذه الحركة التراجعية الظاهرية للكواكب معلومة لدى المفسرين - رحمهم الله- حتى إن بعضهم فسر بها قول الله - جل وعلا-: "فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس" [التكوير: 15-16] باعتبار أنها جوار أي سيارات والخنس النكوص والتراجع، وتراجع المريخ حالياً ليس إذاً ظاهرة غير معلومة سابقاً لننزل عليها أحاديث آخر الزمان، بل إحدى سنن الله المعتادة في خلقه، وينبغي الحذر والحيطة عند ربط النصوص الدينية بالظواهر الطبيعية أو الاجتماعية؛ لأن التعجل بإنزالها على الواقع بلا بينة مجازفة وشهادة بغير علم، وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه خاصة مع ترصد من ينتظر زلة ليطعن في نصوص الوحي. والله -تعالى- أعلم.