النصارى في الخطيئة، فالله يقول: "ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك"، وهذا يقول هو ذنب غيره! والله المستعان". واعلم أنَّ في الرسول جانبان: جانب بشري، وجانب نبوي، أمّا الجانب البشري فهو فيه كالبشر: يحب ويكره، ويرضى ويغضب، ويأكل ويشرب، ويقوم وينام … إلخ، مع ما ميَّزه الله به في هذا الجانب في بعض الأشياء؛ كسلامة الصدر، والقوة في النكاح، وعدم نوم القلب، وغيرها من الخصوصات التي تتعلق بالجانب البشري. ومن هذا الجانب قد يقع من النبي – صلى الله عليه وسلم - بعض الأخطاء التي يعاتبه الله عليها، ولك أن تنظر في جملة المعاتبات الإلهية للنبي – صلى الله عليه وسلم -؛ كعتابه بشأن أسرى بدر، وعتابه بشأن زواجه من زينب – رضي الله عنها -، وعتابه في عبد الله بن أم مكتوم – رضي الله عنه -، وغيرها، وقد نصَّ الله على هذا الجانب في الرسل جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم، ومن الآيات في ذلك: "قل سبحان ربي هل كنت إلاَّ بشراً رسولاً " [الإسراء: 93] ، ومن الأحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو ما أسمع، من حق له أخيه شيئاً، فلا يأخذ، فإنما أقطع له من النار" (رواه البخاري (6967) ، ومسلم (1713) من حديث أم سلمة –رضي الله عنها-. وتكمن العصمة في هذا الجانب في أنَّ الله يُنبِّه نبيه – صلى الله عليه وسلم - على ما وقع منه من خطأ، وهذا ما لا يتأتَّى لأحد من البشر غيره، فتأمله فإنه من جوانب العصمة المُغفلة. وأما الجانب النبوي، وهو جانب التبليغ، فإنه لم يرد البتة أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم - خالف فيه أمر الله؛ كأن يقول الله له: قل لعبادي يفعلوا كذا فلا يقول لهم، أو يقول لهم خلاف هذا الأمر، وهذا لو وقع فإنه مخالف للنبوة، ولذا لما سُحِرَ النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يُؤثِّر هذا السِّحْرُ في الجانب النبوي، بل أثَّر