فإنَّ القول بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقع منه خطأ، مخالف لظاهر القرآن؛ لأن الله سبحانه ـ الذي أرسله بالحق، وهو أعلم به ـ قد عاتبه في غير ما آية، ولا يكون العتاب إلا بسبب وقوع خطأ منه -صلى الله عليه وسلم- وقد يستعظم بعض الناس القول بهذا، زاعمًا أن ذلك ينقص من قدر النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس الأمر كذلك؛ فحق الله أعظم، والإيمان بكلامه الذي نقله الرسول -صلى الله عليه وسلم- أولى من هذا الزعم، ولو كان في هذه العتابات الإلهية له ما ينقص من قدره لما ذكرها الله –سبحانه- في حقِّ خليله محمد -صلى الله عليه وسلم- والمسلم مطالب بالأخذ بظاهر القرآن، ومن تأول مثل هذه العتابات الإلهية فإنه سيقع في التحريف والتكذيب بخبر الله –سبحانه- وقد ذكرت في كتابي "تفسير جزء عمَّ" تعليقًا على قوله –تعالى-:"وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ" [الشرح: 2 ـ 3] ما يتعلق بأمر العصمة، وهذا نصُّه: "قال: مجاهد من طريق ابن أبي نجيح: "ذنبك"، قال قتادة من طريق سعيد ومعمر: (كانت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له) ، وكذا قال ابن زيد. وهذه مسألة تتعلق بالعصمة، وللناس فيها كلام كثير، وأغلب الكلام فيها عقلي لا يعتمد على النصوص، وهذا النص صريح في وقوع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في شيء من الذنوب التي قد غفرها الله له، ولكن لم يبيِّن الله نوع هذه الذنوب، ولذا فلا تتعدى ما أجمله الله في هذه النصِّ، وقُلْ به تسلمْ. ولا تفترض مصطلحاً للعصمة من عقلك تحمل عليه أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فتدخل بذلك في التأويلات السمجة التي لا دليل عليها من الكتاب ولا السنة؛ كما وقع من بعضهم في تأويل قوله –تعالى-: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر [الفتح: 2] ، قال: ما تقدم: ذنب أبيك آدم، وما تأخر: من ذنوب أمتك، وانظر الشبه بين هذا القول وبين قول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015