الصنف الثاني: وهم الذين ولدوا وفيهم جبلة وخاصية الثقة بالنفس، بمعنى أنها مفطورة في نفسيا تهم، فهم هنا مثل الصنف الأول، لكن المشكلة لديهم أن المجتمع المحيط بهم على مختلف مؤسساته بدءا بالوالدين والأسرة والمدرسة والجيرة والأصدقاء وغيرها ونهاية بالمجتمع الكبير الذي يوجدون فيه. هذا المجتمع المحيط بهؤلاء الأطفال أو الأشخاص قد يكون سببا في قتل أو على الأقل بتهميش هذه الخاصية لديهم من خلال المرور بالعديد من التجارب الحياتية التي يواجهون من خلالها التحطيم والاستهزاء والسخرية وكذلك قلة أو انعدام التشجيع والتحفيز لهم فيما يمكن أن يكونوا مبدعين في عمله. مثل هذه البيئة يمكن أن تكون سببا رئيسا في انعدام الثقة لدى الإنسان فينشأ مهزوزا مترددا حتى في اتخاذ أبسط القرارات لديه وهذه نتيجة مباشرة لتلك التربية التي مر بها.
الصنف الثالث: وهم الأشخاص الذين ولدوا ولم توجد لديهم فطريا خاصية الثقة بالنفس ولكنهم ولحسن حظهم نشئوا في جو متميز في تعاملاته معهم وملاحظ لهم ويهتم في تنمية شتى الخصائص النفسية الجيدة لديهم، فلديهم والدان يحرصان على تنمية شعور الثقة بالنفس، يتقبلان منهم الأخطاء ويوجهانها لديهم، حريصان على ملاحظة مسلكهم في طريقة أدائهم لسلوكهم مع أنفسهم ومع الآخرين، والخصائص الجيدة لديهم يحاولان تنميتها أما السيئة فيسعيان إلى تهذيبها فيهم حتى يتم التخلص منها. ويساهم هذا النوع من البيئة المحيطة بالطفل بشكل كبير جدا على زرع الثقة بالنفس وغيرها من الخصائص النفسية الجيدة، حتى وإن كان الطفل قد ولد وهي غير موجودة في تركيبته العقلية والنفسية من الناحية الفطرية.
الصنف الرابع والأخير: وهم أولئك الذين لم توجد لديهم غريزة الثقة بالنفس فطريا بمعنى أنهم ولدوا وتنقصهم هذه الخصلة ولكن المشكلة الأكبر لديهم أنهم نشئوا في مجتمع كما المجتمع لدى الأشخاص من الصنف الثاني، بمعنى أن الجو المحيط والبيئة التي يعيشون في كنفها بيئة ومحيط لا يعلم كيف يتعامل مع شخصيات وأطفال من مثل حالتهم، إن انعدام الوالدين والمربين الحاذقين الذين يمكن أن يستشعروا ويكتشفوا مكامن الخلل لدى مثل هؤلاء الأطفال يميت فرص النجاح في إمكانية زرع الخصائص النفسية الجيدة لديهم فينشئون وهم آخر الركب في مسيرة الحياة ومع المحيطين بهم، كثيرة مشاكلهم النفسية والاضطرابات الحياتية لديهم. هم من فشل إلى فشل آخر، غير راضين عن حالهم في أغلب الأحوال، لا يحبون الاندماج مع الناس بل العزلة هي مكانهم المفضل، تقل نسبة نجاحاتهم في حياتهم العملية فيما بعد بشكل كبير، وقد يتطلب الأمر في بعض الأحوال إلى التعامل مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين إن لزم الأمر.
ومن منطلق التصنيف السابق لأنواع الناس وخصائصهم النفسية ندرك هنا مدى أهمية التنشئة التربوية والعناية الأسرية المطلوبة في تعاملها مع أطفالها. فلا يعني وجود الثقة بالنفس مفطورة لدى الإنسان أن الأمر كذلك وأنها لا يمكن أن تقل أو تنعدم بسبب نوعية التنشئة التي عاشها ذلك الإنسان في مرحلة الطفولة.