قلت: فما حمله على الكفر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا الحسد الذي ملأ قلبه من نعمة الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم- وتشريفه بالوحي والرسالة.
6- خبث النفس: - والعياذ بالله- وشحها بالخير لعباد الله، فمن الناس من يحزن إذا رأى أو سمع بحسن حال عبد من عباد الله، ويفرح إذا حلت بساحته المصائب والنكبات، لا لشيء، ولكن لخبث نفسه، وسوء نيته، وفساد طويته، كما قال ربنا عن مثل هؤلاء: "وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها" [آل عمران: 120] .
7- وجود القاسم المشترك بين بعض الفئات من المجتمع أو ما يسمى التنافس بين الأقران في مجال مشترك بينهم ويسميه الغزالي في الإحياء بالخوف من فوت المقاصد، فيقول: (وذلك مختص بمتزاحمين على مقصود واحد، فإن كل واحد يحسد صاحبه في كل نعمة تكون عوناً له في الانفراد بمقصوده، ومن هذا الجنس تحاسد الضرات في التزاحم على مقاصد الزوجية، ومنه أيضاً حسد إخوة يوسف - عليه السلام - له؛ لفوزه بقلب أبيهم، كمال قال -تعالى-: "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا") [يوسف: 8] ا. هـ.
هذه بعض الأسباب التي تؤدي إلى هذا المرض الفتاك.
علاج الحسد والوقاية منه:
بعد معرفتنا للأسباب التي تؤدي للحسد يجدر بنا معرفة العلاج والوقاية من هذا الداء:
أولاً: تجنب الأسباب التي تؤدي إليه، والعمل على إزالتها بالكلية، وسد الطريق أمام أي شيء يؤدي إلى ذلك.
ثانياً: قراءة الفاتحة وآية الكرسي، فعن عمران بن حصين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرؤهما عبد في دار فلا تصيبهم في ذلك اليوم عين أنس أو جن" رواه الديلمي.
ثالثاً: قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله، عندما يخشى العائن إصابة عينه لغيره، أو لماله، أو أبنائه، فليقل: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"؛ لما روي عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره".
رابعاً: قراءة المعوذتين، والتحصينات، والأدعية النبوية، للوقاية من حسد الجن، وعورات بني آدم فقد روي عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن يطرح ثيابه بسم الله الذي لا إله إلا هو" رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (273) وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله" رواه الترمذي (606) وابن ماجة (297) من حديث علي - رضي الله عنه -.
وقال - صلى الله عليه وسلم-: "ستر ما يبن أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: بسم الله " رواه الطبراني في الأوسط (7066) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
خامساً: الرقية الشرعية: فقد ثبت أنْ رقى جبريل - عليه السلام - النبي -صلى الله عليه وسلم- برقية هي: "بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك" رواه مسلم (2186) من حديث أبي سعيد الخدري.