(ثِمال: مُطعِم، عصمة: مانع من ظُلمهم) . لقد وُصِفَ بأنه كان مشرباً بحمرة، وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حُمرة، ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر ... يعرف رضاه وغضبه وسروره في وجهه، وكان لا يغضب إلا لله، كان إذا رضي أو سُرّ استنار وجهه فكأن وجهه المرآة، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " استعرت من حفصة بنت رواحة-رضي الله عنها- إبرة كنت أخيط بها ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتبينت الإبرة لشعاع وجهه ... "، أخرجه ابن عساكر والأصبهاني في الدلائل (1/113) والديلمي في مسند الفردوس كما في الجامع الكبير للسيوطي.
ولا بد من الإشارة إلى أن تمام الإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الإيمان بأن الله -سبحانه وتعالى- خلق بدنه الشريف في غاية الحسن والكمال على وجه لم يظهر لآدمي مثله.
ويرحم الله القائل:
فهو الذي تم معناه وصورت*** ثم اصطفاه حبيباً بارئ النسم
منزه عن شريك في محاسنه*** فجوهر الحسن فيه غير منقسم
وقيل في شأنه -صلى الله عليه وسلم- أيضاً:
بلغ العلى بكماله، كشف الدجى بجماله، حسنت جميع خصاله، صلوا عليه وآله.
ومن أخلاقه -صلى الله عليه وسلم-: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " ما خُيِّرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين قط إلا آخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه في شيء قط إلا أن تُنهَكَ حُرمة الله، فينتقم لها لله"رواه البخاري (6126) ، ومسلم (2327) . وعن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً قالت: " ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادماً إلاّ أن يجاهد في سبيل الله، وما نيلَ منه شيء قط، فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيءٌ من محارِم الله، فينتقم لله- عز وجل-"رواه مسلم (2328) وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يوماً لِحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لِما أمرني به نبي الله -صلى الله عليه وسلم-. فخرجتُ حتى أمُرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقفاي قد قبض من ورائي، فنظرتُ إليه وهو يضحك. فقال: "يا أُنَيس أذهبتَ حيث أمرتُك"، فقلت: أنا أذهب يا رسول الله!.
قال أنس -رضي الله عنه-: والله لقد خدمته تسع سنين ما عَلِمْتُهُ قال لشيء صنعتُه: لم فعلتَ كذا وكذا؟ أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا، رواه مسلم (2309) . قلت: فكم من مرة قلنا لوالدينا أفٍّ أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما قال لخادمه: أفٍّ قط!!.