المجيب د. أماني سعيدة
طبيبة نفسية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 29/03/1426هـ
السؤال
كنت امرأة طبيعية، أعيش مع زوجي وأولادي، وأحياناً أنام وحدي في البيت ولا أخاف، لكن بعد أن قتل اللصوص ابنة عمي صرت أشعر بالخوف المستمر حتى في ساعات النهار، ونحن نعيش في دولة أوروبية، وكل يوم نسمع الجديد من الحوادث المزعجة، حفظت سورة البقرة وسوراً أخرى، لكنني لا زلت أشعر بالخوف الشديد، ولا أريد أن أكدر صفو زوجي، لذلك هو لا يعلم مدى الخوف الذي أعيشه. فماذا أفعل؟.
الجواب
أيتها الأخت المسلمة: تذكري قول الله -تعالى- في سورة البقرة: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" [البقرة: 155-156] ، لعل ما مر بك لم يكن مفاجأة أو حدث جاء على غرة؛ لأن الله تعالى أخبرنا بذلك مسبقاً في سورة البقرة وسور عديدة، لذلك فأنت توهمي نفسك أن هذا الحدث كان صدمة كبيرة، على الرغم من أنه يحدث على صفحات الجرائد يومياً، وبأشكال وصور أبشع، ولكن أشك أن تكوني قد خفت أو تأثرت من هذه الأحداث، غير أن الحدث الذي مررت به كان لإحدى قريباتك، وأنا أخاطب فيك الأم المسلمة القارئة للقرآن، وأذكرك بأن كل إنسان ستكون نهايته في موعد محدد، وإن اختلفت أسباب الموت، ولكن ما يدعوني لأن أتفاءل لحل هذه المشكلة هو قدرتك على الصمود فترة طويلة بعد هذا الحدث، دون إثارة خوف أو ذعر في منزلك، فإن هذا مؤشر لقوة شخصيتك، وقدرتك على التصدي لهذا الخوف، ولعلك تعلمين أن صدمة الإنسان عند الحدث تكون أكبر منها بعد أن يمضي بعض الوقت، وكل شيء يولد صغيراً ثم يكبر إلا المصيبة فهي تولد كبيرة ثم تصغر، وما أنت فيه ما هو إلا نمو طبيعي للخوف، خاصة وأنت لم تشركي فيه أحداً، ولكن هذا النمو وصل إلى ذروته، والتي يليها انحدار وانخفاض وتضاؤل له بالتأكيد.
أنصحك بألا تسيطر عليك هذه المخاوف، ولا تستسلمي لها، ويكون ذلك بمحاولة تغيير الواقع أو البيئة التي تعيشين فيها، سواء بتغيير بعض عاداتك، كأن تبدئي بالخروج أو ممارسة بعض الأنشطة الرياضية أو الاجتماعية، كما أنصحك أن تتبادلي هذه الأفكار مع صديقة لك في الغربة، لعلها تكون أقرب من هذه الكلمات المسطورة على الورقة؛ حتى تشعري بالمشاركة الوجدانية والتعاطف، كما تشعري بالحجم الطبيعي للمشكلة التي تمرين بها، والتي قمت بتصحيحها لفترة طويلة. أوصيك بذكر الله كثيراً، والتدبر في كونه وفي حكمته في تنسيق مجريات الأحداث، ولعل حكمته من هذا الموقف الذي تمرين به هو زيادة إيمانك بالله، وليس زعزعة هذا الإيمان.