F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q أنا فتاة ملتزمة للحجاب الشرعى، وأعمل سكرتيرة لأحد رجال الأعمال، وفى بعض الأحيان نمض ساعات وحدنا لمراجعة الأعمال، فما رأى الدين فى ذلك؟
صلى الله عليه وسلمn ليكن معلوما أن الحجاب الشرعى ليس قاصرا على تغطية الجسم بما يمنع رويته للأجنبى، بل إن من مقوماته التى تتعاون كلها على منع الفتنة وصيانة المجتمع من الفساد-عدم خلوة المرأة برجل أجنبى عنها، فالأحاديث كثيرة فى النهى عنها لخطورتها، ومنها ما رواه البخارى ومسلم " لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم " وما رواه الطبرانى "إياك والخلوة بالنساء، فو الذى نفسى بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما".
إن الغريزة الجنسية تتحين أية فرصة للاستجابة لرغبتها، ومن أجل ذلك حرم الإسلام النظر واللمس والخضوع بالقول، والخلوة، أخرج أبو داود والنسائى أن رجلا من الأنصار مرض حتى صار جلدة على عظم، فدخلت عليه جارية تعوده وحدها فهشَّ لها ووقع عليها، فدخل عليه رجال من قومه يعودونه فأخبرهم بما حصل منه وطلب الاستفتاء من النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا لرسول الله: ما رأينا بأحد من الضر مثل ما الذى هو به، ولو حملناه إليك لتفسخت عظامه، ما هو إلا جلدة على عظم، فأمر رسول الله: بإقامة الحد عليه، بضربه بمائة شمراخ ضربة واحدة.
إن فرص الخلوة بين الجنسين كثيرة فى هذه الأيام، فقد تكون فى البيوت والفنادق والمكاتب ودواوين القطارات المغلقة، والسيارات الخاصة والمصاعد الكهربائية، حتى فى الأماكن الخلوية البعيدة عن الأنظار.
إن مجرد الخلوة حرام حتى لو لم يكن معها سفور أو كلام مثير، وتتحقق باجتماع رجل وامرأة فقط، أو باجتماع امرأة برجلين، أو باجتماع امرأتين مع رجل على بعض الأقوال، فإن كان الاجتماع رباعيا أو أكثر، فإن كان رجل مع نساء جاز، وكذلك إن تساوى العدد فى الطرفين، وإن كانت امرأة مع رجال جاز إن أمن تواطؤهم على الفاحشة، هكذا حقق الفقهاء.
والخلوة لا تجوز إلا للضرورة، وليس من الضرورة كسب العيش بالعمل الذى يستلزمها ولو فى بعض الأحيان، كما أنه ليس من الضرورة خلوة المدرس الخصوصى بالمتعلمة، فقد يكون الشيطان أقوى سلطانا على النفس من العلم، ومن مأثور السلف قول عمر بن عبد العزيز: لا تخلون بامرأة وإن علمتها سورة من القرآن (المستطرف ج 2 ص 2) وليس من الضرورة خلوة المخدومة بخادمها، أو المخدوم بخادمته، فكم من مآسٍ ارتكبت بسبب ذلك، وليس هؤلاء الخدم مملوكين ملك اليمين حتى يكون لهم مع سادتهم وضع خاص، بل هم أجانب تجرى عليهم كل أحكام سائر الناس.
وفى حكم الخلوة سائقو السيارات الخاصة، المترددون على النساء كثيرا فى البيوت، دون أن يكون هناك من يخشى معهم السوء.
هذا، ولا يعتبر من الخلوة المحرمة وجود الطالبات مع الطلبة فى أماكن الدراسة، كما لا تتحقق الخلوة فى الشوارع والمحال التجارية والمواصلات التى تغص بالرجال والنساء، وإنما المطلوب هو الحشمة فى الملابس والأدب فى الكلام، وعدم الاحتكاك بين الطرفين، وبخاصة فى الزحام، وحديث الطبرانى يقول "لأن يزحم رجل خنزيرا متلطخا بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له " وحديثه أيضا "أن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " وحديث البيهقى "إذا استقبلتك المرأتان فلا تمر بينهما، خذ يمنة أو يسرة".
هذا، والرحلات المختلطة إذا أمنت فيها الفتنة وكانت تحت رقابة مؤمنة يقظة، وكانت النساء ملتزمات بالآداب الشرعية فى الستر والجدية والعفاف، لا بأس بها، وإلا حرمت والأولى أن تكون الرحلات؟ لنوع واحد، اطمئنانًا للقلب وصيانة للشرف ومنعا للتهم والظنون