التعامل بالربا مع غير المسلمين

F عطية صقر.

مايو 1997

Mالقرآن والسنة

Q أنا أعيش فى بلد غير إسلامى، ولا يمكننى أن أقضى مصالحى إلا عن طريق البنوك التى تتعامل بالربا، فقيل لى: إن الربا معهم ليس بحرام، فهل هذا صحيح؟

صلى الله عليه وسلمn تحدث العلماء عن الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة -أم لا، واختلفوا فى ذلك، وبناء على هذا الاختلاف،قالوا: إن المقيمين فى البلاد الإِسلامية يلتزمون بالأحكام الشرعية، سواء كان المقيم مسلما أو ذميا، لأن تطبيق الأحكام الشرعية ممكن فى البلاد الإسلامية فإذا سافر المسلم أو الذمى إلى دار الحرب وحدثت منه مخالفة لأحكام الشريعة، أو حدثت من شخص كان يقيم فى دار الحرب ثم عاد بعد ذلك إلى دار الإسلام، فلا تطبق عليه أحكام الشريعة الإسلامية، لأن القاضى المسلم لا تمتد ولايته إلى المحل الذى ارتكبت فيه الجريمة، ومن هنا نقل عن أبى حنيفة أنه أجاز للمسلم والذمى من أهل دار الإسلام إذا دخلا دار الحرب مستأمنين - أن يتعاقدا بالربا مع الحربى أو المسلم من أهل دار الحرب الذى يهاجر إلى دار الإسلام، لأن أخذ الربا فى هذه الحال يكون فى معنى إتلاف المال بالرضا، وإتلاف مال الحربى وبرضاه مباح، لأنه لا عصمة لدمه ولا لماله، وقد نقل أبو يوسف عن أبى حنيفة قوله: إن وجوب الشرائع يعتمد على العلم بها، فمن لم يعلمها ولم تبلغه فإن هذا لم تقم عليه حجة حكمية. وبهذا، إذا دخل المسلم أو الذمى دار حرب بأمان فتعاقد مع حربى على الربا أو على غيره من العقود الفاسدة فى نظر الإِسلام جاز عند أبى حنيفة ومحمد وقد أفتى بذلك الشيخ محمد بخيت المطيعى مفتى الديار المصرية الأسبق ونشره فى رسالته عن أحكام التأمين " السكورتاه " ص 7 مطبعة النيل بمصر سنة 1906 م ونقله الشيخ جاد الحق على جاد الحق فى كتابه " فتاوى معاصرة ص 86 "،. هذا ما قاله أبو حنيفة، أما صاحبه أبو يوسف فقال: لا يجوز للمسلم فى دار الحرب إلا ما يجوز له فى دار الإسلام، لأن حرمة الربا ثابتة فى حق العاقدين، أما فى حق المسلم فبإسلامه وأما فى حق الحربى فلأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة قال تعالى {وأخذهم الربا وقد نهوا عنه} النساء: 161، والأئمة الثلاثة قالوا: تطبق أحكام الشريعة الإِسلامية على كل من هو فى دار الإِسلام من المسلمين والذميين والمستأمنين، كما يعاقب المسلم والذمى على ما يرتكبانه فى دار الحرب ولو كان الفعل مباحا فيها كالربا والقمار، تنفيذا لأحكام الشريعة. وقد استظهر الشيخ جاد الحق على جاد الحق أن الخلاف بين فقهاء الحنفية إنما هو فى إمكان توقيع العقوبة على التعامل المحرم إذا وقع من المسلم فى دار الحرب، ومال إلى رأى جمهور الفقهاء من حرمة التعامل بالربا على المسلم أيا كان موقعه فى دار الإسلام أو فى دار الحرب، وذلك بمقتضى إسلامه، اللهم إلا إذا كان مقترضا لضرورة، أما أن يكون مقرضا فلا يحل، لأنه لا ضرورة فيه. وبهذا الفهم والتحليل يكون تصرف المسلم فى دار لا يحكم فيها بالإسلام مساويا لتصرفه فى دار يحكم فيها بالإسلام، من جهة الحل والحرمة، أما القضاء الدنيوى المعتبر فيه ميدان تطبيقه فلا يغير من حكم الله شيئا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015