F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q هل ينتقض الوضوء بالنوم؟
صلى الله عليه وسلمn من الأمور التى ينتقض بها الوضوء النوم المستغرق الذى لا يبقى معه إدراك مع عدم تمكن المقعدة من الأرض، فالذى ينام على جنبه أو على ظهره ينتقض وضوءه، أما الذى ينام جالسا فإن كان متمكنا من المقعد لا يميل يمنة ولا يسرة مثلا فإن وضوءه لا ينتقض.
وبهذا يمكن التوفيق بين النصوص التى فيها نقض الوضوء بالنوم مطلقا، والنصوص التى ليس فيها نقض الوضوء بالنوم.
فمما جاء بالنقض مطلقا حديث رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه عن صفوان بن عسال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا - مسافرين - ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم. والمراد أن الخف لا ينزع عند انتقاض الوضوء بالغائط أو البول أو النوم وينزع عند الحنابلة الموجبة للغسل والسفر جمع سافر كصاحب وصحب، وهو الخارج للسفر.
ومما جاء بعدم النقض بالنوم حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذى كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون، وفى رواية أخرى، لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى لأسمع لأحدهم غطيطا ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون.
ومن الأحاديث الواردة فى النقض ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه " العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ" والوكاء هو الخيط الذى يربط به الكيس، والسه هو الدبر. ومما ورد فى عدم النقض ما رواه مسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: بتُّ عند خالتى مميونة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى للصلاة-فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدى فجعلنى من شقه الأيمن، فجعلت إذا أغفيت - نمت أو نعست - يأخذ بشحمة أذنى قال: فصلى إحدى عشرة ركعة.
والنووى فى شرحه لصحيح مسلم "ج 4 ص 73" ذكر ثمانية مذاهب فى نقض الوضوء بالنوم:
الأول -أنه لا ينقض الوضوء على أى حال كان.وهو محكى عن أبى موسى الأشعرى من الصحابة، وسعيد بن المسيب من التابعين وغيرهما.
الثانى-أنه ينقض الوضوء بكل حال، وهو مذهب الحسن البصرى والمزنى وإسحاق بن راهويه، وهو قول غريب للشافعى، وأخذ به ابن المنذر وروى معناه عن ابن عباس وأنس وأبى هريرة.
الثالث - أن كثير النوم ينقض بكل حال، وقليله لا ينقض بحال، وهذا مذهب الزهرى وربيعة والأوزاعى، ومذهب مالك وكذلك أحمد فى إحدى الروايتين.
الرابع -أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلين كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوءه، سواء كان فى الصلاة أو لم يكن، وإن نام مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض.وهذا مذهب أبى حنيفة وداود، وهو قول للشافعى غريب.
الخامس -أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، روى هذا عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.
السادس - أنه لا ينقض إلا نوم الساجد، وروى أيضا عن أحمد رضى الله عنه.
السابع -أنه لا ينقض النوم فى الصلاة بكل حال وينقض خارج الصلاة، وهو قول ضعيف للشافعى رحمه الله تعالى.
الثامن -أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينتقض، وإلا انتقض، سواء قل أو كثر سواء كان فى الصلاة أو خارجها، وهذا مذهب الشافعى، وعنده أن النوم ليس حدثا فى نفسه، وإنما هو دليل على خروج الريح، فإذا نام غير ممكن المقعدة غلب على الظن خروج الريح. فجعل الشرع هذا الغالب كالمحقق.
ثم قال النووى: قال أصحابنا: وكان من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا ينتقض وضوءه بالنوم مضطجعا للحديث الصحيح عن ابن عباس قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه، ثم صلى ولم يتوضأ.
ثم ذكر النووى فروعا فيها حكم النعاس وهو النوم الخفيف الذى تفتر فيه الحواس من غير سقوطها وفيها حكم القاعد المحتبى إذا نام وفيه ثلاثة أقوال، فيرجع إليها فى المرجع المذكور