F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q هل كانت السيدة مريم نبية، ولماذا لم يذكر اسم امرأة غيرها فى القرآن الكريم؟
صلى الله عليه وسلمn قال الله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم} النحل:
43 هذا الحصر فى الرجال قد يكون لإخراج النساء، فلا يكون منهن رسول، وقد يكون لإخراج الملائكة، بمعنى أن الرسل للبشر لا تكون من الملائكة وقرر الله أنه لو أرسل للبشر ملكا لجعله رجلا، قال تعالى: {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون} الأنعام: 9 وقال تعالى {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلىَّ} الكهف: 110 وقال {قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزَّلنا عليهم من السماء ملكا رسولا} الإسراء: 90.
والرسالة القائمة على التبليغ هى قيادة للخير، بالإرشاد والاتباع، وفيها جهود جبارة لنشر الدعوة ومقاومة الفساد والتغلب على العقبات، وقد يكون فيها حرب وقتال وسفر وترحال، واستعدادات الرجال تتناسب مع هذه المهمة، إلى جانب أن الرجل هو الأصل فى أن يكون خليفة فى الأرض، والمرأة خلقت منه لتساعده على تحقيق هذه الخلافة فيما تستطيعه ويتناسب مع استعداداتها.
هذا فى الرسالة التى تستلزم التبليغ، أما النبوة التى تقتصر على مجرد تلقِّى الوحى من الله للعمل به دون الأمر بتبليغه فقد تكون للمرأة، كما قال بعض العلماء عن أم موسى وعن مريم عليهما السلام، والاستدلال والمناقشة لا يتسع لهما المقام.
وأما عدم ذكر اسم امرأة فى القرآن إلا مريم، فذلك لأن لها شأنا خطيرا فى عقيدة هى أهم العقائد، وهى عقيدة التوحيد وتنزيه الله سبحانه عن الزوجة والولد، وبيان الوجه الحق فى طبيعة سيدنا عيسى عليه السلام، فقد قبلها الله لخدمة بيته، لأن أمها نذرت ما فى بطنها لذلك وكانت تود أن يكون ذكرا، واشتهرت بالعفة والطهارة، وهى فى محرابها تؤدى واجبها، وحملت بغير الطريق العادى حيث نفخ الله فيها الروح بوساطة جبريل عليه السلام، وكان ولدها عيسى عليه السلام، ممن ظهرت خوارق العادة على أيديهم منذ صغره، حيث تكلم فى المهد صبيًا، إلى غير ذلك من الأمور التى جعلت لعيسى ولُأمه شأنا غير عادى، ولذلك قال بعض العلماء: إن مريم من الأنبياء: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} آل عمران: 42.
فلهذه الاعتبارات ذكر اسمها فى القرآن الكريم، وليس معنى هذا أن غيرها من النساء لا فضل له ولا شأن، فالكلام كثير حول أفضل النساء على الإطلاق لا مجال لذكره الآن. ومن هذا الباب ذكر اسم زيد بن حارثة فى القرآن لأهميته فى تقرير الحكمة فى مبدأ التبنى وزواج زينب بنت جحش، ولا يعنى هذا أن زيدًا أفضل من أبى بكر وعمر وغيرهما، حيث لم يذكروا بأسمائهم الصريحة فى القرآن الكريم