التنبؤات الفلكية

F عطية صقر.

مايو 1997

Mالقرآن والسنة

Q ما موقف الإسلام من أقوال الفلكيين فى أول كل سنة عن الأحداث التى ستحصل فى الكون؟

صلى الله عليه وسلمn من المعروف فى العقائد أن المستقبل غيب لا يعلمه إلا الله تعالى، كما قال سبحانه {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} الأنعام: 59، وقال {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير} لقمان: 34، وقال {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا. إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا} الجن: 26، 27،.

وعلم الله يتميز بأمرين، أولهما الصدق واليقين بحيث لا يعتريه شك، والثانى الإحاطة والشمول فلا يغيب عن علمه شيء، وكل ما ينشر عن الفلكيين أو غيرهم أكثره استنتاج وفراسة وظن وتخمين وبراعة فى الربط بين حركات النجوم وتأثيرها على الجو حرارة وبرودة ورطوبة وجفافا وعواصف وأمطارا، وما ينتج عن ذلك من رخاء أو قحط أو قلاقل وفتن نتيجة للحالة الاقتصادية وما تؤثر فيه من الناحية السياسية والحربية والاجتماعية وما إلى ذلك.

ولا شك أن الآثار والنتائج هى محصلة عدة عوامل يتفاعل بعضها مع بعض، وتنتج بشكل طبيعى نتائج مختلفة يمكن إدراكها قبل وقوعها لمن عندهم فراسة وحسن تقدير وربط بين الأسباب والمسببات.

ومع ذلك فكله من باب الظنون التى لا يقطع بها، فقدرة الله وإرادته فى تصريف هذه الأسباب وفى إنتاجها للمسببات فوق كل تدبير وتقدير وحساب من البشر، قال تعالى {ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء} النور: 43،.

وقال تعالى {الله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه فى السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون. وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين} الروم: 48، 49.

فالخلاصة أن هذه التنبؤات ظنية وليست قطيعة، ومن ادعى أنها قطعية فقد خالف قول الله فى علمه للغيب، وتعيين أشخاص يموتون أو يتولون مناصب أو يعزلون، كل ذلك إفراط فى التخمين يكذبه الواقع كثيرًا، ويبقى الأمر كله لله وحده، والأمثلة على ذلك كثيرة فى التاريخ "انظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 282 -300" يقول الدميرى "742-808 هـ " فى كتابه " حياة الحيوان الكبرى": روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابى فأمسكوا" رواه الطبرانى وأبو نعيم فى الحلية، وحسنه بعض أصحاب الأمالى عن ابن مسعود، وقال "أخاف على أمتى بعدى ثلاثا، حيف الأئمة والإيمان بالنجوم والتكذيب بالقدر" رواه ابن عبد البر وابن عساكر وهو ضعيف وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: تعلموا من النجوم ما تهتدوا به فى البحر والبر ثم أمسكوا.

ويبين الدميرى سر النهى عن ذلك بعدم فتنة الناس بالنجوم، حتى لا يربطوا بينها وبين الأحداث فينسوا ربهم الذى خلق كل شيء، وبأن نتائجها ظنية لا يجوز الحكم بالظن، وبأن الاشتغال بالنجوم من هذه الناحية فضول ليست فيه فائدة تذكر، وهناك ما هو أهم منه. هكذا يقول الدميرى، وقال كثيرا غير ذلك "ج اص 15، 16 مادة الأسد " وجاء فى ذلك قول محمد بن عبد الله بن محمود الحسينى:

لا شىء أجهل ممن يدعى ثقة * بحدسه ويرى فيما يرى ريبا قد يجهل المرء ما فى بيته نظرا * فكيف عنه بما فى عينه احتجبا وقول سيدنا على، أو يوسف بن عبد البر:

أمنتحلى النجوم أحلتمونا * على علم أرق من الهباء علوم الأرض ما أحكمتموها * فكيف بكم إلى علم السماء وأنا أقول: إذا كان الاشتغال بعلم النجوم من أجل معرفة أسرار الكون وحسن استخدامها كما يحصل الآن من الجهود فى غزو الفضاء -كما يعبرون -فلا بأس به، بل الدين يشجعه ما دام ذلك من أجل الخير، أما سوء استخدام هذا العلم أو ادعاء معرفة الغيب على وجه اليقين فذلك ضلال لا يوافق عليه الدين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015