F علام نصار.
جمادى الأولى 1370 هجرية - 12 فبراير 1951 م
M 1- متى وجد بالمسجد ما يخصه، ولم يوجد له مالك معين يكون الموجود به وقفا.
2- وجود مالك معين له وإثباته أنه إنما أتى به لمنفعة مؤقتة فقط، يكون ذلك الشئ ملكا تاما له عند محمد، ويكون وقفا عند أبى يوسف بمجرد وضعه فى المسجد.
3- نقل ناظر الوقف أو متولى المسجد نجفة المسجد أو قناديله إلى منزله يكون غصبا، وتتجه عليه دعوى رد المغصوب إلى جهة الوقف
Q عن حكم الفقه الإسلامى فيما إذا كان بأحد المساجد نجفة أثرية ثمينة تقدر قيمتها بآلاف الجنيهات خاف عليها ناظر المسجد من التلق أو السرقة إذا بقيت به فنقلها من المسجد إلى منزله، ثم توفى الناظر المذكور والنجفة فى منزله تحت يد زوجته وأولاده، فهل يسرى على هذه النجفة النص العام فيما يتعلق بالمنقول وتصبح ملكا لواضع اليد عليها بحجة أنها لم تذكر بكتاب وقف المسجد المذكور وأن دعوى الوقف لا تسمع عند إنكاره إلا إذا وجد به إشهاد أو أن وقف المسجد وجميع المنقولات التى توجد به لها حكم خاص واعتبارها وقفا لا يتوقف على صدور الإشهاد وإنما يتوقف على إنشاء المسجد وإذن الناس بالصلاة فيه فمتى تحقق هذا صار وقفا ولو لم يصدر به إشهاد ويدخل فى وقفيته تبعا كل ما يتصل بأداء العبادة فى ذلك المسجد من مفروشات ومصابيح وقناديل وما إلى ذلك مما هو لازم لأداء العبادة فى المساجد، فمتى ثبت أن تلك النجفة كانت بالمسجد ونقلها الناظر إلى منزله ثبتت ملكية المسجد لها وإن لم يرد ذكرها بكتاب الوقف هذا ما أرجو إفادتى عن حكم الفقه الإسلامى فيه مع ملاحظة أن هذه النجفة كانت موجودة بالمسجد من قديم قبل تولية الناظر المتوفى وليس له ملك فيها
صلى الله عليه وسلمn اطلعنا على السؤال - والجواب - أنه قد صرح فيه بأن للمسجد كتاب وقف وأن النجفة كانت بالمسجد ولم يرد ذكرها بكتاب الوقف وأن النزاع بشأنها فى أنها وقف أولا وأن المادة رقم 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية القاضية بعدم سماع دعوى الوقف إلا إذا وجد إشهاد به ممن يملكه على يد حاكم شرعى بالقطر المصرى تتناولها أولا، والبحث فى ذلك يقتضى النظر فى موضعين أحدهما أن النجفة بوجودها بالمجد تكون وقفا أولا وثانيهما أن المادة المذكورة تتناول مثلها أولا - فعن الأول تقضى النصوص الشرعية بأن هذه النجفة تكون بوجودها بالمسجد وقفا فإنه متى وجد بالمسجد قنديل أو حصير أو نحوها مما يخصص لمصالح المسجد ولم يوجد مالك معين يثبت أنه أتى بها لمنفعة مؤقتة تكون وقفا سواء أفرضنا أن شخصا اشتراها للمسجد أم أنها وجدت فيه ولم يعلم مشتريها، يدل على الأول ما جاء فى الفتاوى الخانية ج 3 ص 293 (رجل بسط من ماله حصيرا فى المسجد ووقع الاستغناء عنه فإن ذلك يكون له إن كان حيا ولوارثه إن كان ميتا وإن بلى ذلك كان له أن يبيعه ويشترى بثمنه حصيرا آخر وكذا لو اشترى حشيشا (الحشيش الكلأ اليابس) أو قنديلا للمسجد فوقع الاستغناء عنه كان له ذلك إن كان حيا ولوارثه إن كان ميتا وعند أبى وعند أبى يوسف رحمه الله تعالى يباع ويصرف ثمنه فى حوائج المسجد، وإن استغنى عنه يحول إلى مسجد آخر والفتوى على قول محمد رحمه الله تعالى) وذكر فى الإسعاف هذا الفرع ص 7 بلفظ (ولو بسط من ماله حصيرا فى المسجد فخرب المسجد الخ) وقال بعد ذكر الحكم على الخلاف السابق (وهذا الاختلاف بناء على الاختلاف فى المسجد عينه إذا استغنى عنه لخراب ما حوله) يشير بذلك إلى الخلاف بين الإمامين محمد وأبى يوسف فيما إذا تخرب المسجد ولم يوجد ما يعمر به أو استغنى الناس عنه.
فقال محمد إنه يعود إلى ملك الواقف إن كان حيا وإلى ورثته إن كان ميتا، وإذا لم يعلم البانى ولا ورثته جاز بيعه وصرف ثمنه إلى مسجد آخر.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى هو مسجد أبدا إلى قيام الساعة ولا يعود بالاستغناء عنه إليه ولا إلى ورثته ويحول نقضه وما فيه من حصير أو قنديل إلى مسجد آخر وعليه أكثر المشايخ ورجحه ابن الهمام كما رجح قول محمد غيره.
فمن هذا يرى أن الصاحبين متفقان على أن المنقول المشترى للمسجد وقف وإنما الخلاف بينهما فيما إذا تخرب المسجد واستغنى عنه، وهذا الحكم يتفق مع ما ذكره الفقهاء فى بناء الناظر وغرسه فى أرض الوقف فإنهم قالوا إنه يكون للوقف ما لم يكن ذلك من ماله، ويشهد وقت البناء والغرس أنه يبنى ويغرس لنفسه.
فالقنديل فى حادثتنا وقف ولو كان من شراء أحد النظار إذ لا يوجد فى السؤال ما يدل على إشهاده أنه له، ويدل على الثانى وهو أن السراج أو القنديل إذا وجد بالمسجد ولا يعلم شراء أحد له يكون وقفا - ما جاء بالفتاوى الخانية أيضا ونصه (وديباج الكعبة إذا صار خلقا يبيعه السلطان ويستعين به فى أمر الكعبة لأن الولاية فيه للسلطان لا لغيره) ومثله فى الإسعاف.
فهذا آية أنه صار خالصا لله تعالى بوجوده على الكعبة فيتصرف فيه من له الولاية العامة عند انعدام الولاية الخاصة تصرفه فيما يتبع المسجد إذا استغنى عنه.
إذا تقرر هذا كانت النجفة بوجودها فى المسجد وقفا سواء أعلم مشتريها أو لا، فلا مساغ للنزاع بين الخصمين فى ذلك.
والذى يمكن أن يكون موضع نزاع بينهما هو أنها كانت بالمسجد ونقلت منه أولا، فإذا كان أحد الخصمين يدعى أنها كانت بالمسجد ونقلت منه واستولى عليها ورثة الناظر السابق كانت دعواه هذه دعوى غصب يطلب فيها رد المغصوب، لأن الناظر ليس له أن ينقل السراج من المسجد إلى بيته ولو بدعوى المحافظة عليه.
اللهم إلا أن يأذنه القاضى فان فعل ذلك كان غاصبا أى له حكم الغصب.
ففى الفتاوى الخانية ما نصه (متولى المسجد ليس له أن يحمل سراج المسجد إلى بيته) ومثله فى البحر عن الإسعاف عن الثانى تحقق فى البحث الأول أن السراج وقف بوجوده فى المسجد على أى الوضعين السابقين، وأن الدعوى دعوى رد المغصوب فالمدعى فيها إن عينا كانت بالمسجد بلا تعرض لكونها وقفا أو عدمه، والمطلوب فيها رد هذه العين إلى مكانها فى المسجد.
فبعد هذا لا مجال للبحث فى أن المادة 137 المذكورة تتناولها أولا إذ هى خاصة بدعوى أن العين وقف وبغير ذلك مما جاء بها ولا تتناول النجفة فى حادثة الفتوى.
ومما مر وضح الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به.
والله تعالى أعلم