وقد جعل الله الأفئدة تحنُّ إلى تلك المشاعر استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام، فقال تعالى: ((فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم)) (إبراهيم:37) . ولم يقل: أفئدة الناس: يعني: أفئدتهم كلهم؛ بل قال: ((أفئدة من الناس)) يعني بعضاً منهم، فالذين يحجون كل عام قسم قليل من المؤمنين في أطراف البلاد.
فضل الحج والعمرة في الكتاب والسنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه" وفي لفظ لمسلم: "من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه". وقال صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
والحج المبرور هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة، ولم يخالطه إثم ولا يعقبه معصية، وهو الحج الذي وُفِّيت أحكامه ووقع موقعاً لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل، وهو المقبول، ومن علامات القبول أن يرجع خيراً مما كان ولا يعاود المعاصي. والمبرور مأخوذ من البر وهو الطاعة والله أعلم.
وقال صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ ".
وسُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "جهاد في سبيل الله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور".
وقال صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله على النساء جهاد؟ قال: "نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة". وعند النسائي: ".. ولَكُنَّ أحسن الجهاد وأجمله، حج البيت حج مبرور".