وقد سمى الله هذا البيت محرماً ومباركاً؛ بل وسمى البلد التي وضع بها (البلد الأمين) قال تعالى: ((ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم)) (إبراهيم:37) . وقال تعالى: ((وهذا البلد الأمين)) (التين:3) . وقال تعالى: ((إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين)) (آل عمران:96) .
وما دام أن هذه أهميته، وأن هذا قدره في النفوس فإن من حق العباد أن يأتوا إليه ليقدسوا ويعظموا حرمات الله، لذلك قال الله تعالى: ((ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه)) (الحج:30) . وقال تعالى: ((ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)) (الحج:32) . فالمشاعر التي حوله هي من شعائر الله، والمناسك التي عنده هي من حرمات الله، وتعظيمها تعظيم لله وعبادة لله، وليس ذلك تقديساً لتلك البقعة بنفسها، وإنما هي لمعرفة أهميتها ومكانتها، وعظم العبادة فيها وشرفها.
فاجعل أفئدة من الناس
أمر الله نبيه إبراهيم عليه السلام أن ينادي بالحج في قوله تعالى: ((وأذن في الناس بالحج)) (الحج:27) . ثم إنه -كما في بعض الآثار- صعد على جبل أبي قبيس فنادى: "يا أيها الناس، إن الله فرض عليكم الحج فحجوا"، فسمعه من في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، أي: سماع قبول، وإن لم يسمعوا الصوت كما هو، أي: أُلهموه، وقُذِفَ في قلوبهم، وعرفوا حكمه، فإذا جاء الحج، وقرب موسمه، فإن المؤمنين الذين وقرَ الإيمان في قلوبهم تجدهم في أطراف البلاد وأقاصي الأرض تحن قلوبهم، ويتمنون أن يتيسر لهم الحج، فمن تيسر له، أتى إليه -رغم ما يجد من المشقة والصعوبات ومن لم يتيسر له غَبَط الذين أدوا هذا النسك، وعرف فضلهم، وما حازوه من الحسنات.