ولا يكون هذا التعاون صحيحاً إلا إذا ائتلفت القلوب وتقاربت وتحابَّت وحسنت ظنون بعضهم في بعض فعند ذلك تجدهم يتزاورون ويتحابون ويتجالسون في الله، ويتبادلون النصيحة فيما بينهم، ويرشد بعضهم بعضاً، ويهدي بعضهم بعضاً، ويبين الأخ لأخيه النقص الذي فيه، ويفكرون في علاجه.

ثم بعد ذلك يتعاونون على علاج جراح الأمة. وماذا نفعل حتى تعود الأمة إلى دينها؟

إذا رأينا الأمة متفرقة؟

إذا رأينا أن المعاصي قد تمكّنت وكثر أهلها؟

إذا رأينا دعاة الفساد ودعاة الضلال يتعاونون على ضلالهم ويقوِّي بعضهم بعضاً؟

أفلا نكون نحن أولى بالحق ونحن أهل الأخلاق النبوية؟ الذين تخلّقوا بخلق النبي صلى الله عليه وسلم. وتأدبوا بأدبه؟

سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) (القلم:4) . فقالت: "كان خلقه القرآن"، تعني: أنه متأدب بآدابه ومتخلق بأخلاقه، وعامل بإرشاداته ومهتد بهديه، وسائر على نهجه.

فعلى أمته أن يتأدبوا بآداب نبيهم التي احتوى عليها القرآن، والتي رويت عن نبيهم صلى الله عليه وسلم والتي سار عليها صحابته -رضي الله عنهم- فظلوا مجتمعين في عهده غير متفرقين.

الأدب السادس

الإيثار

قال الله تعالى في الأنصار: (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (الحشر:9) . فكانوا يحبون من هاجر إليهم من المهاجرين مع أنهم من عدنان وهم من قحطان، وهؤلاء من مكة وهؤلاء من المدينة!! ولكن أحبوهم وقدّموهم على أهلهم لأنهم مؤمنون؛ فلأجل الإيمان يؤثرون هؤلاء على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015