وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أيضاً على الأسباب التي تثبت هذه المحبة والمودة، والتي تُبْعدُ عن ضدها، فقال صلى الله عليه وسلم لما سألوه عن حق الطريق، قال: "حق الطريق غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر"، وقال صلى الله عليه وسلم: "للمسلم على المسلم ست بالمعروف تسلم عليه إذا لقيته، وتجيبه إذا دعاك، وتشمته إذا عطس، وتعوده إذا مرض، وتتبع جنازته إذا مات، وتحب له ما تحب لنفسك".
وكذا لو تأملنا النواهي التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم أمته، لعرفنا الحكمة فيها، لكونها تسبب بغضاً وحقداً. فقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبَع أحدكم على بيع أخيه" وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يخطب بعضكم على خطبة أخيه"، وغيرها من نواهيه صلى الله عليه وسلم، مثل النهي عن الغش في المعاملات، وبيع الغرر، وبيع الأشياء المجهولة والخفية، أو بيع ما لم يقسم، إنما هي قطع لمادة العداوة والبغضاء، والحقد والشحناء بين المسلمين.
فالمشتري مثلاً يسيء الظن فيمن خدعه، ومن غشه أو باع على بيعه فتحدث من هذا العداوة والشنآن بينه وبين البائع وذلك كله منافٍ لحكمة الألفة والأخوة والمودة التي دعانا إليها الإسلام.
الأدب الخامس
التعاون على البر والتقوى
ومن الآداب الشرعية أن يتعاون المسلمون على البر والتقوى كما أمرهم الله تعالى بذلك في قوله: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة:2) .
والتعاون هنا ليس مقصوراً على أمور الدين، بل يشمل التعاون على أمور الدنيا، وعلى تنفيذ حدود الله وتنفيذ أوامره، وعلى الأمر بالخير والدعوة إليه.