وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن للإيمان حلاوة وطعماً كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار". وقال صلى الله عليه وسلم: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً نبياً".
وهكذا أخبر بأن العبادة بها تقر عينه ويرتاح بدنه، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "وجُعلت قرة عيني في الصلاة"، وقوله: "أرحنا يا بلال بالصلاة".
فهذا ونحوه يفيد أنه عليه الصلاة والسلام، يجد في الصلاة لذة قلبه وسروره وابتهاجه وغاية فرحه وراحة بدنه؛ حيث إنه في الصلاة ينقطع عن الغير ويُقْبِلُ بقلبه على ربه، ويلتذ بذكره ومناجاته، ويتقلب من حال إلى حال يجد في كل منها الأنس بالعبادة، وكذا ينتقل من ذكر إلى دعاء، إلى تلاوة، وفي الجميع قوة للقلب والبدن.
فبهذه الأوصاف تكون الصلاة مفيدة ومؤثرة على العبد وناهية عن الفحشاء والمنكر، فالرسول صلى الله عليه وسلم إنما يلتذ بالعبادة بأي وصف كانت، ولم يكن يؤثر الخلوة والإنفراد، وليس في كون الصلاة قرة عينه ما يدل على أحوال الصوفية وأذواقهم ومواجيدهم، ولو من بعيد.