كل هذا جرأة على الله، وإنما جعل الله من معجزات عيسى ابن مريم عليه السلام شيئاً من ذلك بإذن الله، ثم انقطع برفعه إلى السماء، ولم يذكر الله تعالى أن أحداً من الأموات أو الغائبين، يهدي من أحب، أو يرزق من يشاء بإذن الله؛ بل قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنتُ أعلمُ الغيبَ لاستكثرتُ من الخير وما مسني السوء)) (الأعراف:188) .

فهل يقال بعد هذا: إنه هو أو من دونه بعد موته يملك بتمليك الله النفع والضر، والإعطاء والمنع؟ وأنه بناء على ذلك يُطْلَبُ منه كما يُطْلَبُ من الله! فَيُدْعَى وَيُرْجَى وتعلّق عليه الآمال ويخشع له العبد ويتواضع! ويقف أمام قبره خاضعاً ذليلاً وخائفاً راجياً، فإن هذا كله لازم قول هذا الكاتب؛ حيث أباح نداءه وجعله مالكاً متصرفاً فيما هو من خصائص الرب تعالى، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال لعشيرته الأقربين: "انقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئاً". وقال لعمه العباس: "لا أغني عنك من الله شيئاً".

وهكذا قال لعمته ولابنته فاطمة الزهراء، وأمرهم بأن يعملوا عملاً صالحاً لوجه الله، ينقذون به أنفسهم من النار، ولا يعتمدون على قرابتهم منه أو شرفه عند الله، بل قال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015