وكل هذا حث للمسلم أن يعمل لله عملاً خالصاً لوجهه يكون سبباً لنجاته يوم القيامة، فلا يعتمد على نسب، ولا حسب، ولا يرغب إلى أي مخلوق يدعوه أو يرجوه، أو يخافه أو يعظمه كتعظيم الله تعالى، أو يعقد عليه أمله أو يعتقد أنه يملك من أمر الله شيئاً مع قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((ليس لك من الأمر شيء)) (آل عمران:128) . وقوله: ((قل إن الأمر كله لله)) (آل عمران:154) . فهل ذكر الله تعالى أنه قد ملك أحداً من خلقه شيئاً من حقه؟ أو فوَّض إليه التصرف في عباده؟ بأن يغفر لمن يشاء! ويعذب من يشاء ويهدي من يشاء ويضل من يشاء تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

ولقد قال تعالى: ((ومن يضلل الله فما له من هاد ومن يهدي الله فما له من مضل)) (الزمر:36-37) . وقال عز وجل: ((ومن يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه)) (الإسراء:97) . أي لا أحد يتولى أمرهم، ولا أحد يقدر على هدايتهم؛ ولو توسلوا بالأنبياء والأولياء والملائكة والصالحين والأصفياء، والقصد من ذلك أن يُقبل العباد بقلوبهم على ربهم، ويَصْدُقُوا الرغبة إليه، ويدعوه مخلصين له الدين، وينصرفوا بقلوبهم وأعمالهم عن كل مخلوق: تحقيقاً لوصف العبودية التي هي غاية الذل مع غاية الحب، فهو سبحانه قريب مجيب، كما قال تعالى: ((وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)) (البقرة:186) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015