ويطلق الحوض على كل ما يجمع الماء، والعادة أنه يجتمع في الأحواض وفي المستنقعات وهي الأماكن المنخفضة التي يجتمع فيها ماء المطر ونحوه، وقد تسمى الخزانات التي تستعمل الآن أحواضاً، وهي ما يعرف بالجوابي في قوله تعالى: (وجفان كالجواب) (سبأ:13) ، فالجابية هي: مجمع الماء الذي يصلح بآجر أو بجص أو نحوه أو بحجارة حتى لا يُسرب الماء، ويجتمع فيه ماء النواضح الذي ينضح من الآبار، فيكون واسعاً أو ضيقاً على حسب ما يريده أهل الماء، فيسمى هذا حوضاً، فالمجتمع الذي يجتمع فيه الماء هو الحوض.

وقد ورد في حوض النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسيرة شهر في شهر؛ يعني طوله مسيرة شهر وكذا عرضه أو طوله، من عدن إلى أيلة الشام يعني من أقصى اليمن إلى أقصى الشام، وهذا مقارب أنه مسيرة شهر أو أكثر من شهر، هذه مسافته.

وماؤه ورد أنه أحلى من العسل وأشد بياضاً من اللبن، وآنيته عدد نجوم السماء -أي كيزانه التي فيه- يصب فيه ميزابان من الجنة، وقد فسر بالكوثر الذي في قوله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر) (الكوثر:1) ، وقيل: إن الكوثر نهر في الجنة، وأن هذا الحوض يُمد من ذلك النهر، يصب في هذا الحوض ميزابان من ذلك النهر الذي هو الكوثر.

ويَرِدُ عليه الناس تارة أفراداً ليتمكنوا من الورود ويشربون، ومن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، وتارة تذودهم الملائكة إذا كانوا قد غيروا أو بدلوا أو ابتدعوا، ولم يكونوا حقاً من الأمة المحمدية المحققين للاتباع.

والأحاديث في الحوض تزيد على أربعين حديثاً، كما في بعض الكتب التي كتبت في أشراط الساعة، وقد استوفاها ابن كثير في النهاية في آخر التاريخ وغيره، مما يدل على تنوعها وعلى ثبوتها، ويؤخذ من مجموعها ما ذكر من صفة الحوض.

مسألة: في الشفاعة

قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015