القول الثالث: أن الذي يوزن هو نفس العامل. وقد استدل على ذلك بقوله تعالى: (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) (الكهف:105) ، أي لا يكون لهم وزن معتبر، أو إذا وزنوا فإنهم يخفون ولا يكون لهم ثقل في الميزان. وفي حديث في سيرة عبد الله بن مسعود؛ أنه صعد مرة على شجرة أراك يقطع منها سواكاً، فعجب الصحابة من دقة ساقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهما في الميزان أثقل من جبل أحد) فأفاد بأن الإنسان يوزن، وأنه يثقل بحسب إيمانه.

وورد قوله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة) يعني أنه لما لم يكن له قدر ولم يكن له عمل صالح خف ميزانه فلم يساو وزن جناح البعوضة.

وبكل حال: لا مانع من أن يوزن العامل، وتوزن الصحف، وتجسد الأعمال فتوزن، ويكون الجميع مما يوزن، ليظهر عدل الله تعالى بين عباده (ولا يظلم ربك أحداً) (الكهف:49) .

مسألة: في الحوض

قوله:

ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: حوض في القيامة (ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وآنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً) .

شرح:

الإيمان بالحوض داخل في الإيمان باليوم الآخر، وما ذلك إلا لأننا نؤمن بكل ما أخبرنا به بعد الموت، وفي يوم القيامة أخبرنا بأنه يكون في الحشر أحوال ومن جملتها الحوض المورود.

ومعروف أن الحوض أصله ما يصنعه أهل البوادي من جلود الإبل ويجعلون له أعواداً يعتمد عليها. ثم يصبون فيه الماء لتشرب فيه الإبل أو الأغنام أو نحوها، ويحملونه معهم لكونه خفيفاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015