والصراط حق يجوزه الأبرار ويزلُّ عنه الفجار، ويشفع نبينا صلى الله عليه وسلم: فيمن دخل النار من أمته من أهل الكبائر، فيخرجون بشفاعته بعدما احترقوا وصاروا فحما وحمماً، فيدخلون الجنة بشفاعته.
ولسائر الأنبياء والمؤمنين والملائكة شفاعات؛ قال الله تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) (الأنبياء:28) ولا تنفع الكافر شفاعة الشافعين.
شرح:
ذكر الصراط وذكر الشفاعة؛ أما الصراط فورد ذكره في الأحاديث، وكثرت الأحاديث التي تصفه وإن كان في بعضها غرابة أو ضعف، وكثير من الوعاظ يوردون هذه الأحاديث في القصص وفي المواعظ ويتساهلون في روايتها للتخويف بها، والغالب أن ما ورد فيه من المبالغات لا يثبت؛ كالذي روي أن صعوده مسيرة ألف سنة، وأن استواءه مسيرة ألف، وأن الهبوط منه مسيرة ألف عام. هكذا ورد ولكن لم يثبت.
وما ورد أيضاً من أنه أحد من السيف وأدق من الشعرة وأحر من الجمر، وأروغ من الثعلب وهكذا.. فإنه قد دخل في هذا كثير من المبالغات، ووصفه بأنه أحد من السيف وأدق من الشعرة ورد في حديث يمكن اعتباره.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر العبور على الصراط، وأن الناس يسيرون عليه على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر عليه كالبرق، ومنهم من يمر عليه كالريح ومنهم من يمر عليه كأحاور الخيل والركاب ومنهم من يعدو عدواً ومنهم من يمشي مشياً، ومنهم من يزحف زحفاً، وعلى جنبتي الصراط كلاليب مثل شوك السّعدان تخطف من أمرت بخطفه، والأنبياء عليهم السلام على الصراط، ودعواهم: اللهم سلِّمم سلِّم، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل.